للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستدل النسفى وشارحه أيضًا على الوجوب باستحقاق الوعيد لتاركه في قوله "فليحذر الذين يخالفون" (١).

كما استدلا بدلالة الإجماع والمعقول (٢) ولم يخرجا عما نقلناه عن الإسنوى واليزدوى وشارحه إلا في بعض استطراد غير جوهرى فمن شاء فليرجع إلى ما كتبا.

[٤ - ويقول الكمال بن الهمام]

واختار الكمال بن الهمام أيضًا أن صيغة الأمر حقيقة في الوجوب فقط وبعد أن استدل على ذلك بما لا يخرج عما سبق إيراده قال: (٣)

لنا على المختار - وهو الأول - "الوجوب" أنه تكرر استدلال السلف بصيغة الأمر مجردة عن القرائن على الوجوب استدلالًا شائعًا بلا نكير. فأوجب العلم العادى باتفاقهم على أنها له كالإجماع القولى على ذلك.

وقد نهج نفس منهجه البهارى في كتابه مسلم الثبوت (٤).

[٥ - وقال ابن السبكى والمحلى وصدر الشريعة]

وقد أيد هذا الاتجاه كل من صدر الشريعة وابن السبكى والمحلى فيقول صدر الشريعة (٥):

إن أكثرهم على الوجوب ثم يسوق أدلتهم السابقة.

ويقول ابن السبكى والمحلى (٦): الجمهور قالوا هي حقيقة في الوجوب فقط واختلفوا في أن ذلك مفاد الصيغة لغة أو شرعًا أو عقلًا: ثم قال المحلى:

وجه أولها الصحيح عند الشيخ أبى إسحاق الشيرازى أن أهل اللغة يحكمون باستحقاق مخالف أمر سيده مثلًا بصيغة افعل للعقاب.

ومن قال إن مفاد الصيغة الوجوب عقلًا قال: إن ما تفيده لغة من الطلب يتعين أن يكون الوجوب لأن حمله على الندب يصير المعنى "افعل إن شئت" وليس هذا القيد مذكورًا وقوبل بمثله في الحمل على الوجوب فإنه يصير المعنى "افعل من غير تجويز ترك".

[٦ - الظاهرية]

يقول ابن حزم في كتاب الإحكام (٧):

إن جميع أصحاب الظاهر على أن صيغة الأمر تدل على الوجوب حتى يقوم دليل صارف عن ذلك. وهذا هو الذي لا يجوز غيره.

ثم قال (٨):

إن أول الأدلة على أن صيغة الأمر تدل على الوجوب ما لم يقم دليل صارف عن ذلك أنه لا يعقل أحد من أهل كل لغة - أي لغة كانت - من لفظة افعل أو اللفظة التي يعبر بها في كل لغة عن معنى افعل غير الوجوب.

ثم يقول (٩):

اعلم أن الوعيد من الله قد اقترن بجميع أوامر نبيه في قوله سبحانه {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ


(١) المصدر السابق ص ١٢٥.
(٢) المصدر السابق ص ١٢٦.
(٣) التقرير والتحبير جـ ١ ص ٣٠٤.
(٤) مسلم الثبوت للعلامة البهارى مع منهراته جـ ١ ص ٣٠٢ المطبعة الحسينية.
(٥) التوضيح والتلويج جـ ٢ ص ٥٣.
(٦) جمع الجوامع جـ ١ ص ٤٢٧.
(٧) الأحكام فى أصول الأحكام جـ ٣ ص ٢ مطبعة السعادة الطبعة الأولى سنة ١٣٤٦ هـ.
(٨) المصدر السابق جـ ٣ ص ١٣.
(٩) المصدر السابق جـ ٣ ص ١٤.