للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالغ عاقل وصدَّقه المقر له ثم أقرا معًا بابن ثالث ثبت نسب الثالث، فإن قال الثالث: إن الثاني ليس بأخ لنا ففيه وجهان، أحدهما: أنه لا يسقط نسب الثاني؛ لأن الثالث ثبت نسبه بإقرار الأول والثانى، فلا يجوز أن يسقط نسب الأصل بالفرع، والثانى: أنه يسقط نسبه وهو الأظهر؛ لأن الثالث صار ابنًا فاعتبر إقراره في ثبوت نسب الثاني. وإن أقر الابن الوارث بآخرين في وقت واحد فصدق كل واحد منهما صاحبه ثبت نسبهما وميراثهما، وإن كذَّب كل واحد منهما صاحبه لم يثبت نسب واحد منهما، وإن صدق أحدهما صاحبه وكذَّبه الآخر ثبت نسب المصدق دون المكذب، وإن أقر الابن الوارث بنسب أحد التوأمين ثبت نسبهما، وإن أقر بهما وكذَّب أحدهما الآخر لم يؤثر التكذيب في سبهما؛ لأنهما لا يفترقان في النسب (١).

[مذهب الحنابلة]

أولًا: الإنكار في الحمل والولادة:

جاء في (المغنى): اختلف أصحابنا فيما إذا لاعن امرأته وهى حامل، ونفى حملها في لعانه، فقال الخرقى وجماعة: لا ينتفى الحمل بنفيه قبل الوضع، ولا ينتفى حتى يلاعنها بعد الوضع، وينتفى الولد فيه (٢).

وجاء في (كشاف القناع): إن نفى الزوج الحمل في التلاعن لم ينتف، قال في رواية الجماعة: لعله يكون ريحًا، فإذا وضعته عاد اللعان لنفيه؛ لأنه قد تحقق وجوده (٣).

ثانيًا: إنكار نسب الولد من الزوجة وما يترتب عليه:

جاء في (كشاف القناع): أن الرجل إن قال لامرأته التي في حِبَالِةِ: لم تزن ولكن ليس هذا الولد منى، أو قال لها: لم أقِذفْك ولكن ليس هذا الولد منى، فهو ولده في الحكم؛ لأن الولد للفراش، وهى فراشه ولا حد عليه؛ لأنه لم يقذفها بالزنا، وإن قال: ليس هذا الولد منى لامرأته بعد أن أبانها أو قاله لسريته فشهدت ببينة، وتكفى أنها امرأة مُرضية أنه ولد على فراشه لحق نسبه؛ إذ الولد للفراش.

وإن قال عن ولد بيدها: ما ولدته وإنما التقطته أو استعرته، فقالت: بل هو ولدى منك لم يقبل قولها عليه؛ لأن الولادة يمكن إقامة البينة عليها، والأصل عدمه ولا يلحقه نسبه إلا ببينة وتكفى امرأة مرضية تشهد بولادتها، فإذا ثبتت ولادتها له لحقه نسبه؛ لأنها فراشه والولد للفراش.

وإن ولدت توأمين فأقر بأحدهما ونفى الآخر أو سكت عنه فلم يقر به، ولم ينفه لحقه نسبهما حيث كان بينهما دون ستةِ أشهرٍ؛ لأنه حملٌ واحدٌ فلا يجوز أن يكون بعضُه منه وبعضُه من غيره؛ لأن النسب يحتاط لإثباته لا لنفيه، وكذلك يثبَت بمجرد الإمكان (٤).

وإن أتت الزوجة بولد فنفاه زوجها لاعن لنفيه ثم ولدت آخر لأقلَّ من ستِة أشهرٍ لم ينتف الثاني باللعان الأول؛ لأنه كان حملًا، ولا يصح نفيه قبل


(١) المهذب: ٢/ ٣٥١، ٣٥٢.
(٢) المغنى: ٧/ ٤٢٣، بتصرف.
(٣) كشاف القناع: ٣/ ٢٥١، بتصرف.
(٤) كشاف القناع: ٣/ ٢٤٦.