الأجر أو لا يشترط واذا لم يشترط فقد يكون العرف جاريا بتعجيله أو لا يكون فيه عرف فهذه أحوال بينا فيها جميعها الحكم بالنظر الى صحة العقد وفساده بناء على تعجيل الأجرة وعدم تعجيلها وذلك فيما سبق وذكرنا أنه اذا لم يكن الأجر معينا ولم يشترط تعجيله ولم يجر بذلك عرف ولم تكن المنفعة التى تقابله مضمونة لم يجب فى هذه الحال تعجيله واذن فيجب مياومة فى مثل كراء العقار والرواحل والأوانى والأدوات والعمال للخدمة فكلما استوفيت منفعة يوم أو جزء من الزمن معين أو تمكن من استيفائها لزم ما يقابلها من الأجر.
أما فى الصانع والأجير على عمل فلا يستحقان الأجرة ولا يملكانها الا بالتمام فقد جاء فى المدونة اذا أراد الصناع أو الأجراء تعجيل أجورهم قبل الفراغ من العمل وامتنع المؤجر حملوا على المتعارف بين الناس فى ذلك فان لم يكن للناس سنة ولا عرف لم يقض لهم بشئ الا بعد الفراغ من العمل أما فى غير ذلك فيقضى بقدر ما مضى وقد تقدم تفصيل ذلك وبيانه ونتيجة ذلك أن عقد الاجارة عند المالكية عند ما يكون صحيحا يفيد ملك الأجرة فى الحال وذلك فى الأحوال التى يجب لصحة العقد فيها تعجيل الأجرة سواء أكان ذلك نتيجة شرط أو عرف وكذلك فيما تعجل فيه الأجرة فعلا ولا يترتب عليه فى غير هذه الأحوال عند ما يكون صحيحا الا أجرة ما بقى من عمل أو زمن وذلك فى غير الصناع والأجراء أما فى عقودهم فان الأجرة لا تملك ولا تستحق الا بتمام العمل ما لم يكن شرط أو عرف بالتعجيل فيفيد العقد الملك عند ذلك فيما شرط أو تعورف تعجيله وعلى أساس ملك الأجرة تملك المنفعة (١).
[مذهب الشافعية]
يرى الشافعية أن عقد الاجارة يفيد ملك المنفعة المعقود عليها والأجر فى الحال بمجرد انعقاده وبه يملك المؤجر الأجر فى الحال سواء أكان الأجر دينا أم عينا وسواء أكان الدين مؤجلا أم غير مؤجل غير أن المؤجر لا يستحق استيفاء الأجر الا بتمكين المستأجر من الانتفاع أو بانتفاعه فعلا ويتحقق التمكين بتسليم العين المستأجرة الى المستأجر فاذا تسلمها وظلت تحت يده الى انتهاء مدة الاجارة ان كان لها مدة أو بقيت معه المدة التى تمكنه من الانتفاع بها الانتفاع المعقود عليه استقرت الأجرة دينا فى ذمته وان لم ينتفع فعلا وكذلك الوضع فى استئجار الأجير تثبت الأجرة دينا فى ذمة المؤجر بمجرد العقد ولا يستحق الأجير قبضها الا بمضى المدة ان كان خاصا أو ما يعمل ان كان مشتركا وهذا اذا لم تكن الأجرة عينا فان كانت عينا تملكها المستأجر أو الأجير فى الحال أيضا ويكون ملك الأجرة ملكا مراعى، بمعنى أنه كلما مضى جزء من الزمن على وجه السلامة بأن بدلها من الأجر قد استقر باستيفاء ما يقابلها. وكما تملك الأجرة بالعقد وتستقر فى ذمة المستأجر بتمكنه من الانتفاع وان لم ينتفع فعلا تملك المنفعة أيضا به فى اجارة العين واذا نص فى العقد على تعجيل الأجرة أو تأجيلها لزم ذلك واذا لم ينص على ذلك
(١) البداية لابن رشد ج ٢ ص ١٨٨ والشرح الكبير للدردير والدسوقى عليه ج ٤ ص ٤.