ولو دل عليه أو أشار اليه فان كان المدلول يرى الصيد أو يعلم به من غير دلالة أو اشارة فلا شئ على الدال أو المشير، لأنه اذا كان يراه أو يعلم به من غير دلالة فلا أثر لدلالته فى تفويت الأمن على الصيد فلم تقع الدلالة سببا الا أنه يكره ذلك لأنه نوع تحريض على اصطياده.
أما ان رآه المدلول بدلالته فقتله فعلى الدال الجزاء عند أصحابنا لما روى عن النبى صلى الله عليه وسلّم: أنه قال: الدال على الشئ كفاعله. وروى الدال على الخير كفاعله والدال على الشر كفاعله - وقد تقدم.
فظاهر الحديث يقتضى أن يكون للدلالة حكم الفعل الا ما خص بدليل: وقد تقدم كذلك ما روى فى شأن حمار الوحش الذى صاده أبو قتادة.
فلولا أن الحكم يختلف بالاعانة والاشارة لما كان لفحصه صلّى الله عليه وسلم عن ذلك معنى ودل ذلك على حرمة الاعانة والاشارة وذا يدل على وجوب الجزاء.
هذا وقد روى أن رجلا سأل عمر رضى الله تعالى عنه فقال: انى أشرت الى ظبية فقتلها صاحبى، فسأل عمر عبد الرحمن بن عوف رضى الله تعالى عنهما فقال ما ترى؟ فقال: أرى عليه شاة فقال عمر رضى الله تعالى عنه وأنا أرى مثل ذلك.
وروى أن رجلا أشار الى بيضة نعامة فكسرها صاحبه فسأل عن ذلك عليا وابن عباس رضى الله تعالى عنهما فحكما عليه بالقيمة.
ولأن المحرم قد أمن الصيد باحرامه والدلالة تزيل الأمن لأن أمن الصيد فى حال قدرته ويقظته يكون بتوحشه عن الناس وفى حال عجزه ونومه يكون باختفائه عن الناس.
والدلالة تزيل الاختفاء فيزول الأمن فكانت الدلالة فى ازالة الأمن كالاصطياد.
ولان الاعانة والدلالة والاشارة تسبب الى القتل وهو متعد فى هذا التسبب لكونه مزيلا للأمن (١).
[مذهب المالكية]
جاء فى مواهب الجليل: أن دلالة الحاج المحرم على الصيد أو الاعانة عليه بمناولة سوط أو رمح أو باشارة اليه أو أمر غيره بقتله اساءة منه ولا شئ عليه على المشهور كالقاتل الا أن يكون محرما فعليه جزاء، هذا وكل ما صاده محرم أى مات بصيده أو ذبحه وان لم يصده أو أمر بذبحه أو أعان عليه باشارة أو مناولة سوط ونحوه فان ذلك كله ميتة لا يجوز أكله لحلال ولا لحرام.
(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع ج ٢ ص ٢٠٣، ص ٢٠٤ الطبعة المتقدمة.