للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبقيد الاستدلال خرج عن أن يكون فقها علم جبريل ورسول الله صلى الله عليه وسلم وعلم المقلد بالأحكام الشرعية العملية، لأنه علم ليس عن استدلال، وكذلك العلم بشعائر الإسلام كوجوب الصلاة والصيام والزكاة وغير ذلك مما هو معلوم بالضرورة.

من غير استدلال، فهذا لا يسمى فقها لحصوله للعوام والنساء والأطفال المميزين، فالفقه هو العلم الاجتهادى والفقيه هو المجتهد.

والطريقة الثانية:

هى ما انتزعه صدر الشريعة مما جاء بأصول البزدوى مع شئ من التصرف. فقد اختار فى التنقيح تعريف الفقه: بأنه العلم بكل الأحكام الشرعية العملية التى قد ظهر نزول الوحى بها والتى انعقد الإجماع عليها من أدلتها مع ملكة الاستنباط‍ الصحيح منها، فلكى يتحقق معنى الفقه عنده، يجب العلم بالأحكام الشرعية العملية المعروفة أخذا من أدلتها، قطعية كانت أو ظنية، وليس الاستدلال بمعنى الاجتهاد شرطا لحصول هذا العلم، ويجب أيضا أن تكون مع هذا ملكة الاستنباط‍ الصحيح من الأحكام الشرعية التى نزل بها الوحى، أو انعقد عليها الإجماع. فالفقيه على هذا من كان أهلا للاجتهاد وإن لم يقع منه اجتهاد.

والطريقة الثالثة:

هى التى جرى عليها الكمال بن الهمام فى التحرير ولا تعرف لغيره، وهى لا تختلف عن الطريقة السابقة إلا فى بعض أمور أهمها ما يرجع إلى المراد من الأحكام الشرعية، فقد ذهب إلى أنها القطعية لا الظنية، وأن الظن ليس من الفقه، وأن الأحكام المظنونة ليست مما يسمى العلم بها فقها.

فالفرق بين الطرائق الثلاث يرجع إلى المراد من الأحكام. فمنهم من أراد منها الظنية وحدها، ومنهم من أراد القطعية وحدها، ومنهم من جعلها شاملة للقطعية والظنية، وقد نقل ابن عابدين فى رد المحتار عن شرح التحرير، أن التعميم قد نص غير واحد من المتأخرين على أنه الحق وعليه عمل السلف والخلف. ودعوى هذا الشارح فى جريان العمل عليه دعوى جريئة لا يصدقها الواقع.

[معنى الفقه فى اصطلاح الفقهاء]

واسم الفقه قد استعمل فى اصطلاح الفقهاء للدلالة على أحد معنيين، أحدهما:

حفظ‍ طائفة من مسائل الأحكام الشرعية العملية الواردة بالكتاب والسنة وما استنبط‍ منها، سواء أحفظت مع أدلتها أم حفظت مجردة عن هذه الدلائل. فاسم الفقيه عندهم ليس خاصا بالمجتهد كما هو اصطلاح الأصوليين، بل يتناول المجتهد المطلق، والمجتهد المنتسب، ومجتهد المذهب، ومن هو من أهل التخريج وأصحاب الوجوه، ومن كان من أهل الترجيح، ومن كان من عامة المشتغلين بهذه المسائل.

وتكلموا فى المقدار الأدنى من هذه المسائل الذى يسمى حفظه فقها وانته تحقيقهم إلى أن هذا متروك للعرف، غير

<<  <  ج: ص:  >  >>