للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعد مجئ العامل به لبلد ربه لم يستحق العامل جعلا» (١).

وقال الدردير أن من أتى بالعبد الآبق فاستحقه شخص أو استحق بحرية فإنه يستحق الجعل على الجاعل ولو لم يقبضه لأنه ورطه فى العمل ولولا الاستحقاق لقبضه واستولى علية ولا يرجع الجاعل بالجعل على المستحق عند ابن القاسم وهو المشهور وقد بين الدسوقى وقت الاستحقاق للآبق الذى لا يسقط‍ به الجعل فقال: «وإن استحق أى بعد وصول المجاعل للبلد وقبل قبض ربه أما لو أستحق منه وهو فى الطريق قبل إتيانه للبلد فلا جعل له كما ارتضاه البنانى (٢)».

واشترطوا لاستحقاق الجعل عند التسليم أو الاستحقاق بعد وصول البلد أن يكون هناك عقد جعالة بين سيد العبد وبين الراد وذلك يكون بإيجاب وقبول أو بأن يقول رب العبد من رد عبدى فله كذا وسمع الراد ذلك مباشرة أو بالواسطة إن ثبت أنه قاله كما قدمنا أما إذا كان راد الآبق ممن اعتادوا رد الإباق فإنه يستحق جعل المثل إن لم يتعاقد معه أو لم يسمع ولو بالواسطة أما إذا تعاقد معه فلا يستحق إلا ما سمى متى مكنه منه كما قدمنا وأما من يكون عليه الجعل فهو الملتزم له من المتجاعلين لأنه نشأ عن تعاقد.

قال الدردير فى الجعل المعلوم يستحقه السامع من الجاعل ولو بواسطة أن ثبت أنه قاله (٣) وقال فى حالة ما إذا استحق الآبق قبل تسليمه لصاحبه فإنه أى العامل يستحق الجعل على الجاعل ولو لم يقبضه ثم قال ولا يرجع الجاعل بالجعل على المستحق عند ابن القاسم وهو المشهور.

وقد علق الدسوقى على هذا فبين الرأى الآخر غير المشهور فقال أى خلافا لمحمد بن المواز القائل للجاعل أن يرجع على المستحق بالأقل من المسمى ومن أجر المثل (٤).

[الشافعية]

أما مقدار الجعل عندهم فهو ما اتفق عليه بين الإذن بالعمل والعامل فقد جاء فى الأم للشافعى: «ولا جعل لأحد جاء بآبق ولا ضالة إلا أن يكون جعل له فيه فيكون له ما جعل له وسواء فى ذلك من يعرف بطلب الضوال ومن لا يعرف به (٥)» فهم يخالفون المالكية فى جعل من عرف بطلب الضوال واعتاده من حيث أنهم لا يجعلون له جعلا إلا بالتسمية بخلاف المالكية كما يعلم مما تقدم ولكن قد ينتقل من الجعل المسمى إلى جعل أزيد أو أنقص قبل الفراغ من العمل بناء على اتفاق (٦).

والجعل يقبل التجزئة عندهم على قدر العمل فقد جاء فى المنهاج والمغنى ولو قال شخص بناء على صحة الجعالة على عمل معلوم من رد عبدى مثلا من بلد كذا فله كذا فرده العامل من مكان أقرب منه فله قسطه.

أى قسط‍ الأقرب من الجعل، لأنه جعل كل الجعل فى مقابلة العمل، فبعضه فى مقابلة البعض فإن رده من نصف الطريق


(١) حاشية الدسوقى والشرح الكبير ج‍ ٤ ص ٦١
(٢) حاشية الدسوقى والشرح الكبير ج‍ ٤ ص ٦٢ الطبعة السابقة.
(٣) الشرح الكبير للدردير ومتنه ج‍ ٤ ص ٦٠، ٦١ الطبعة السابقة.
(٤) الشرح الكبير وحاشية الدسوقى عليه ج‍ ٤ ص ٦٢ الطبعة السابقة.
(٥) الأم للشافعى ج‍ ٤ ص ٦٩ طبعة شركة الطباعة الفنية المتحدة ونشر مكتبة الكليات الأزهرية.
(٦) المنهاج وشرحه المغنى ج‍ ٤ ص ٤٣٣، ٤٣٤ طبعة مصطفى البابى الحلبى.