للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحمد: من استعار شيئا فعليه رده من حيث أخذه. فأوجب الرد فى العارية ولم يوجبه فى الاجارة والوديعة، لأنه عقد يقتضى الضمان فلا يقتضى الرد. وعلى هذا متى انقضت المدة كانت العين فى يده أمانة كالوديعة، ان تلفت من غير تفريط‍ فلا ضمان عليه.

فان شرط‍ المؤجر على المستأجر ضمان العين فالشرط‍ فاسد لأنه ينافى مقتضى العقد اما أن اكراه عينا وشرط‍ عليه أن لا يسير بها فى الليل أو وقت القائلة أو لا يتأخر بها عن القافلة أو لا يجعل سيره فى آخرها أو لا يسلك بها الطريق الفلانية وأشباه هذا مما له فيه غرض فخالف ضمن لأنه متعد لشرط‍ كريه فضمن ما تلف به، كما لو شرط‍ عليه أن لا يحمل عليها الا قفيزا فحمل اثنين (١).

[مذهب الظاهرية]

جاء فى المحلى: أن موت الأجير أو موت المستأجر أو هلاك الشئ المستأجر أو عتق العبد المستأجر أو بيع الشئ المستأجر من الدار أو العبد أو الدابة أو غير ذلك أو خروجه عن ملك مؤاجره بأى وجه خرج كل ذلك يبطل عقد الاجارة فيما بقى من المدة خاصة قل أو كثر لقول الله تعالى (٢):

ولا تكسب كل نفس الا عليها (٣).

ولا ضمان على أجير مشترك أو غير مشترك ولا على صانع أصلا الا ما ثبت أنه تعدى فيه أو أضاعه، والقول فى كل ذلك ما لم تقم عليه بينة قوله مع يمينه فان قامت عليه بينة بالتعدى أو الاضاعة ضمن، وله فى كل ذلك الأجرة فيما أثبت انه كان عمله فان لم تقم بينة حلف صاحب المتاع أنه ما يعلم أنه عمل ما يدعى أنه عمله ولا شئ عليه حينئذ.

وبرهان ذلك قول الله تعالى: «لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ» (٤) فمال الصانع والأجير حرام على غيره فان اعتدى أو أضاع لزمه حينئذ أن يعتدى عليه بمثل ما اعتدى والاضاعة لما يلزمه حفظه تعد، وهو ملزم بحفظ‍ ما استعمل فيه بأجر أو بغير أجر لنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اضاعة المال وحكمه صلّى الله عليه وسلم بالبينة على من ادعى وباليمين على المطلوب اذا أنكر ومن طلب بغرامة مال، أو ادعى عليه ما يوجب غرامة فهو المدعى عليه فليس عليه الا اليمين بحكم الله عز وجل، والبينة على من يدعى لنفسه حقا فى مال غيره (٥).

[مذهب الزيدية]

جاء فى التاج المذهب أن المستأجر أمين لا يضمن ما تلف الا أن يفرط‍ فى الحفظ‍. وان


(١) المغنى والشرح الكبير لابن قدامه المقدسى ج ٦ ص ١١٧ وما بعدها الى ص ١١٩.
(٢) الاية رقم ١٦٤ من سورة الانعام.
(٣) المحلى لابن حزم ج ٨ ص ١٨٤ مسئلة رقم ١٢٩١ طبع المطبعة المنيرية بمصر الطبعة الأولى سنة ١٣٥٠ هـ‍.
(٤) الاية رقم ٢٩ من سورة النساء.
(٥) المحلى لابن حزم ج ٨ ص ٢٠١ مسئلة رقم ١٣٢٥ الطبعة المتقدمة.