للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اقرار المجنون ووصيته وشهادته وطلاقه ويمينه

وسائر تصرفاته

فقهاء المذاهب - وعلى وجه العموم - متفقون على أن من أفاق من جنونه لا يؤاخذ على سائر أقواله وأفعاله التى تفوه بها أو فعلها فى حال جنونه، فلا يؤاخذ باقرار ولا بوصية ولا بقصاص ولا بقذف ولا بتوكيل ولا بطلاق ولا غيرها من التصرفات لحديث (رفع القلم .. ) السابق.

وأيضا لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لما عز حين أقر على نفسه بالزنا (أبك جنون؟) مما يدل على أن المجنون لا يؤاخذ بشئ مما يقوله أو بفعله حال جنونه (١).

لكننا نجد عند الإمامية خاصة شيئا من الخلاف فى اعتبار العقل شرطا فى وجوب حد الزنا خاصة.

حيث يروى المحقق الحلئ أنه لو وطئ المجنون عاقلة وجب عليه الحد رجما أو جلدا عند بعض فقهاء الإمامية، ويعلق عليه بقوله: (وفيه تردد (٢).

ويقول أيضا: «ولو زنى المجنون بعاقلة فعليها الحد تاما، وفى ثبوته فى طرف المجنون تردد، والمروى أنه يثبت (٣).

[٢ - أفاقة السكران]

من شرب محرما غزال عقله وقتاما، فهل يؤاخذ عند افاقته بما فاته من العبادات وما يكون قد قاله أو فعله حال سكره؟

[الوضوء]

يتفق فقهاء المذاهب جميعا فى وجوب الوضوء على السكران عند افاقته لغلبة السكر على عقله، الا اذا كان قد تلبس بما يوجب الغسل فيجب عليه الغسل (٤).

[الصلاة]

اتفق فقهاء المذاهب جميعا على أن السكر لا يؤثر فى وجوب الصلاة، ومن ثم فعلى السكران عند افاقته قضاء ما يكون قد فاته من فرائض حال سكره.

ويستوى عندهم فى وجوب القضاء عند الافاقة ألا يكون قد صلى أصلا حال سكره وأن يكون قد صلى الفرائض وهو ذاهب العقل من السكر.

وذلك لقوله تعالى {(لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ)} (٥) حيث لم يبح الله تعالى للسكران أن يصلى حتى يعلم ما يقول، وهذا لا يكون الا عند الافاقة (٦).

ومعلوم أن وجوب القضاء عند الافاقة لا يؤثر فى حرمة ما ارتكبه كما لا يؤثر فى وجوب حد الشرب عليه.

[الطلاق]

يقع طلاق السكران عند أبى حنيفة وان كان الكرخى والطحاوى من الحنفية قد اختارا أنه


(١) راجع مثلا فى سائر المذاهب الهداية وفتح القدير ج‍ ٣ ص ٣٤٣ والأم ج‍ ٥ ص ٢٣٤ والمدونة الكبرى ج‍ ٦ ص ٣٠ وشرح الأزاهر ج‍ ٣ ص ٣، ٤٣٥، ٥١٠ والتاج المذهب ج‍ ٢ ص ٢٢ وج‍ ٤ ص ٣٥٧ والبحر الزخار ج‍ ٣ ص ١٦٥ والمغنى ج‍ ٥ ص ١٣٨ وج‍ ٦ ص ١٠٢ وج‍ ٨ ص ١٩٤ وشرائح الاسلام ج‍ ١ ص ١٦٥، ١٩٥، ٢٠٦، ٢٥٩، ج‍ ٢ ص ٨ والمحلى ج‍ ٨ ص ٤٩، ٥٠ وج‍ ١٠ ص ٣٤٤
(٢) شرائع الاسلام ج‍ ٢ ص ٢٤٣
(٣) المرجع السابق ص ٢٤٥ وقارن هذا بحديث ما عز السابق (ابك جنون؟).
(٤) انظر المراجع السابقة فى وجوب الوضوء عند افاقة المجنون.
(٥) النساء ٤٣
(٦) راجع الأم ج‍ ١ ص ٦٠ والمغنى ج‍ ١ ص ٤٠١ والمحلى ج‍ ٢ ص ٢٣٤ وشرائع الاسلام ج‍ ١ ص ٦٩ وشرح الأزهار ج‍ ١ ص ٣٣٧ والايضاح ج‍ ١ ص ٥٤٥ والنيل ج‍ ١ ص ٩٧