للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجاء فى موضع آخر (١) انه اذا أشرفت السفينة على الغرق جاز القاء بعض أمتعتها فى البحر.

وقد يجب رجاء نجاة الراكبين اذا خيف عليهم فيجب القاء ما لا روح له وان علت قيمته لنجاة ذى الروح.

ولا يجب القاء الحيوان اذا حصل الغرض بغيره.

واذا مست الحاجة الى القاء الحيوان قدمت الدواب لبقاء بنى آدم.

ولا فرق بين العبيد والأحرار فلا يقدم العبد على الحر.

ولعلهم يريدون ببنى آدم ما كان معصوم الدم كالمسلم والذمى والمعاهد لا المرتد والزانى المحصن والحربى واللائط‍ فهذه تقدم على الدواب الا الكلب المعقور والخنزير والفواسق الخمس فانه يتخير كما نبهوا على ذلك.

وقال المحقق الثانى اذا قطع بغرق السفينة وهلاك بعض أهلها وبسلامتها لو ألقى المال فى البحر ففى وجوب الالقاء لانقاذ الغير من الهلاك أشكال.

[خامسا - حكم الاغاثة فى حال البغى]

جاء فى الخلاف (٢): أنه يجوز للامام أن يستعين بأهل الذمة على قتال أهل البغى.

ودليلنا أن بينا أنهم كفار واذا كانوا كفارا فلا خلاف أنه يجوز أن يستعين بأهل الذمة عليهم ولأن الأصل جواز ذلك والمنع يحتاج الى دليل.

ثم قال (٣): اذا قصد رجل رجلا يريد نفسه أو ماله جاز له الدفع عن نفسه وعن ماله وأن أتى على نفسه أو نفس طالبه ويجب عليه أن يدفع عن نفسه اذا طلب قتله ولا يجوز أن يستسلم مع القدرة على الدفع.

دليلنا قول الله تبارك وتعالى: «وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ ٤ إِلَى التَّهْلُكَةِ».

وأيضا معلوم بأوائل العقول وجوب دفع المضار عن النفس فمن لم يدفعها عنها مع القدرة استحق الذم.

[مذهب الإباضية]

[حكم أغاثة المصلى لغيره وهو فى الصلاة]

جاء فى الايضاح (٥): أنه اذا رأى الرجل ما يخاف فساده من جميع الأموال والأنفس فانه يشتغل به ويصلحه اذ أصلاحه أوجب من الصلاة ويبنى على صلاته سواء كان المال له أو لغيره وسواء خاف الضمان أولا.

وهذا مخالف لكلام الشيخ أبى نصر رحمه الله تعالى.

وعبارة الديوان تشهد للمصنف رحمه الله تعالى ونصها واذا كان الرجل فى الصلاة فانه يصلح الفساد اذا رأى ما يضر بالأنفس والأموال أو رأى غنما تفسد أموال الناس فليطردها عن أموال الناس ويبنى على صلاته.

وأن رأى ماشية غيره تفسد ماله أو رأى ماله يفسد ماله فانه يعمل ما شاء.

ومنهم من يقول أن أصلح ماله فى الصلاة أعاد.


(١) مفتاح الكرامة فى شرح قواعد العلامة ج‍ ٥ ص ٤٤٩ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٢) الخلاف ج‍ ٢ ص ٤٢٩ وما بعدها.
(٣) المرجع السابق ج‍ ٢ ص ٤٣١.
(٤) الآية ١١٥ من سورة البقرة.
(٥) الايضاح ج‍ ١ ص ٥٦٣ - ٥٦٤.