للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قولنا لأن كل واحد منهما يدخل فى منزل صاحبه بغير اذن عادة وذلك دلالة الاذن من صاحبه فاختل معنى الحرز ولأن القطع بسبب السرقة فعل يفضى الى قطع الرحم وذلك حرام والمفضى الى الحرام حرام. ولو سرق جماعة فيهم ذو رحم محرم من المسروق لا يقطع واحد منهم عند أبى حنيفة، وعند أبى يوسف لا يقطع ذو الرحم المحرم ويقطع سواه.

ولو سرق من ذى رحم غير محرم يقطع بالاجماع لأن المباسطة بالدخول من غير استئذان غير ثابتة فى هذه القرابة عادة وكذا هذه القرابة لا تجب صيانتها عن القطيعة ولهذا لم يجب فى العتق والنفقة وغير ذلك.

ولو سرق من أى محرم لا رحم له بسبب الرضاع فقد قال أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله: يقطع الذى سرق ممن يحرم عليه من الرضاع كائنا من كان، قال ابو يوسف اذا سرق من أمه من الرضاع لا يقطع، وجه قوله أن المباسطة بينهما فى الدخول ثابتة عرفا وعادة فان الانسان يدخل فى منزل أمه من الرضاع من غير اذن كما يدخل منزل أمه من النسب بخلاف الأخت من الرضاع ويدل لأبى حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى أن الثابت بالرضاع ليس الا الحرمة المؤبدة وأنها لا تمنع وجوب القطع كما لو سرق من أم موطوءته، ولهذا يقطع فى الأخت من الرضاع.

ولو سرق من امرأة أبيه أو من زوج أمه أو من حليلة ابنه أو من ابن امرأته أو بنتها أو أمها ينظر، فان سرق مالهم من منزل من يضاف السارق اليه من أبيه وأمه وابنه وامرأته لا يقطع بلا خلاف، لأنه مأذون بالدخول فى منزل هؤلاء فلم يكن المنزل حرزا فى حقه، وان سرق من منزل آخر فان كانا فيه لم يقطع بالاجماع وان كان لكل واحد منهما منزل على حده اختلف فيه فقد قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى: لا يقطع، وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى: يقطع اذا سرق من غير منزل السارق أو منزل أبيه أو ابنه، وذكر القاضى فى شرح مختصر الطحاوى قول محمد مع قول أبو يوسف رحمهما الله تعالى وجه قولهما أن المانع هو القرابة ولا قرابة بين السارق وبين المسروق بل كل واحد منهما أجنبى عن صاحبه فلا يمنع وجوب القطع كما لو سرق من أجنبى آخر. وجه قول أبى حنيفة أن فى الحرز شبهة لأن حق التزاور ثابت بينه وبين قريبه لأن كون المنزل لغير قريبه لا يقطع التزاور وهذا يورث شبهة اباحة الدخول للزيارة فيختل معنى الحرز (١).

[مذهب المالكية]

جاء فى «حاشية الدسوقى» على الشرح الكبير أنه اذا سرق الجد ولو لأم من مال ابن ولده فلا يقطع للشبهة القوى فى مال الولد وان سفل فأولى الأب والأم. وهذا بخلاف الولد يسرق من مال أصله فيقطع لضعف الشبهة ولذا حد ان وطئ جارية أبيه بخلاف الأب يطأ جارية ابنه (٢).

وجاء فى «المدونة الكبرى»، أنه لا يقطع الأب


(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع ح‍ ٧ ص ٧٥ نفس الطبعة.
(٢) حاشية الدسوقي ح‍ ٤ ص ٣٣٧.