للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقاله ابن وهب. وقال ابن العربى رحمه الله تعالى: ولا يأكل ابن آدم وان مات قاله علماؤنا. ولا فرق بين ميتة المسلم والكافر فى الحرمة. وهل هى تعبد - وهو المشهور - أو للأذية لما قيل: انها اذا جافت صارت سما (١).

ويقدم المضطر فى التناول للضرورة الميتة التى لم تتغير ويخشى من أكلها على الخنزير لأن لحمه حرام لذاته والميتة حرام لوصفها فهى أخف، ولأن الميتة تحل حية - ولو على قول فى مذهبنا أو غيره - والخنزير لا يحل مطلقا. وكذا يقدم الميتة على ما صاده المحرم وان ذبحه غيره أو ذبحه المحرم وان صاده حلال وهذا حيث كان المضطر محرما.

وأما ان كان حلالا وصاد المحرم صيدا وذبحه الحلال فانه يقدمه على الميتة لأن التحريم فيه من جهة واحدة.

ويفهم من كلامه تقديم صيد المحرم على الخنزير، وكذا يقدم ما اختلف فى تحريمه كالبغال والحمير على ما أتفق على تحريمه كالخنزير.

واذا وجد المضطر ما صاده محرم آخر أو ما صيد له بعد ما ذبح فانه يقدمه على الميتة وجوبا على الراجح، وقيل ندبا وسواء ذكاه محرم أو حلال (٢).

واذا وجد المضطر الميتة وطعام الغير من تمر أو زرع أو غنم مما ليس مضطرا اليه ربه فانه يقدم طعام الغير على أكل الميتة. هذا ان لم يخف أن تقطع يده بسبب ذلك فيما فيه قطع كتمر الجرين وغنم المراح، ولم يخف أن يؤذى أو يضرب فيما لا قطع فيه كالتمر المعلق فان خاف ما ذكر قدم الميتة على طعام الغير. أما ان لم يخف القطع والايذاء فان له أن يقاتل عليه جوازا بعد أن يعلمه أنه ان لم يعطه قاتله ثم بعد ذلك ان قتله المضطر فهدر وان قتل رب الطعام المضطر فالقصاص (٣).

[مذهب الشافعية]

جاء فى مغنى المحتاج: أن من خاف من عدم الأكل على نفسه موتا أو مرضا مخوفا أو زيادته أو طول مدته أو انقطاعه عن رفقته أو خوف ضعف عن مشى أو ركوب ولم يجد طعاما حلالا يأكله ووجد محرما كميتة ولحم خنزير وطعام الغير لزمه أن يأكله لأن تاركه ساع فى هلاك نفسه، كما يجب أن يدفع الهلاك بأكل الحلال، وقد قال الله تعالى:

«وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً.» (٤)

قال الزركشى رحمه الله تعالى: وينبغى أن يكون خوف حصول الشين الفاحش


(١) شرح الخرشى ج ٣ ص ٢٨ فى كتاب مع حاشية العدوى عليه الطبعة السابقة.
(٢) المرجع السابق وحاشية العدوى عليه ج ٣ ص ٢٩، ٣٠ نفس الطبعة المتقدمة.
(٣) المرجع السابق وحاشية العدوى عليه ج ٣ ص ٣٠ نفس الطبعة المتقدمة.
(٤) الآية رقم ٢٩ من سورة النساء.