للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٩ - ما يشترط‍ فى المستعار

«العارية» والمنفعة المستفادة منه:

[مذهب الحنفية]

يشترط‍ أن يكون المستعار مما يمكن الانتفاع به بدون استهلاكه، فان لم يمكن الانتفاع به الا باستهلاكه وفناء عينه فانه لا تصح اعارته فلو أعاره مكيلا أو موزونا لا يمكن الانتفاع به الا باستهلاكه كان كناية عن القرض لأن حكم العقد ثبت فى المنفعة لا فى العين.

ويستثنى من ذلك ما سيأتى من جواز اعارة الشاة لينتفع بلبنها.

ويشترط‍ فى المستعار أيضا أن يكون معينا اذا كانت جهالته تفضى الى المنازعة، أما اذا كانت جهالته لا تفضى الى المنازعة، أو كانت المنافع غير معينة، فلا تفسد الاعارة.

فاعارة الجزء الشائع تصح كيفما كان، أى فى الذى يحتمل القسمة أولا يحتملها، لشريك أو أجنبى.

وكذا اعارة الشئ لاثنين سواء أجمل أو فصل بالتنصيف أو بالاثلاث، لأن جهالة المنافع لا تفضى الى المنازعة لعدم لزوم الاعارة.

ويشترط‍ فى المنفعة أن تكون مباحة شرعا.

فلا يصح اعارة الفروج للاستمتاع، لأن الاباحة لا تجرى فيها وكذا لا يصح للوصى أن يعير من تحت وصايته للخدمة، لأنه لا يجوز التبرع بمنافع الصغير (١).

[مذهب المالكية]

يشترط‍ فى المستعار أن يكون عينا لمنفعة مباحة استعمالا من عرض أو حيوان أو عقار ينتفع به مع بقاء عينه ليرد لصاحبه بعد الانتفاع به.

فتصح اعارة كلب الصيد، وجلد الأضحية وجلد الميتة، لاباحتها استعمالا وان لم يبح بيعها.

ولا تصح اعارة المسلم للذمى، لما فيه من اذلال المسلم، قال تعالى: «وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً» (٢)، والمراد خدمة المسلم للذمى، لأن الكلام فى المنفعة غير المباحة، وأما اعارة الذمى منفعة المسلم حيث كانت غير محرمة كأن يخيط‍ له ثوبا مثلا فينبغى فيه الجواز كما فى الاجارة.

ولا تصح اعارة الجارية أو الزوجة للاستمتاع بها، كما لا تصح اعارة المرأة للخدمة فى غير الارضاع - لغير محرمها لأنه يؤدى الى الممنوع شرعا وهو الخلوة والاستمتاع بها.

وأما اعارتها للارضاع فتصح بلا فرق فى الصورتين بين الحرة والأمة.


(١) البدائع ج ٦ ص ٢١٤، ٢١٥ الفتاوى الهندية ج ٤ ص ٣٧٢، حاشية ابن عابدين ج ٤ ص ٥٢٤ - ٥٢٥، تكملة ابن عابدين ج ٨ ص ٣٨٣ - ٣٨٤ طبعة الحلبى الثانية سنة ١٣٨٦ هـ‍ - ١٩٦٦ م
(٢) سورة النساء آية رقم ١٤١