للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إتلاف المسلط‍ على المال

إتلاف الأجير لما في يده

من مال مؤجره:

الأجير إن كان خاصا فهو أمين فلا ضمان عليه إلا بالتعدى أو بالتقصير عند جميع المذاهب ومع هذا فما يتلف من مال مؤجره بعمله يضمنه، إن كان فيه مقصرا تجاوز الحد المألوف المعروف المأذون فيه بحكم العرف والعادة وإلا لم يضمن.

وفى الدر المختار: ولا يضمن الأجير الخاص ما هلك بعمله كتخريق الثوب من دقة فى القصارة إلا إذا تعمد الفساد (١).

وإن كان مشتركا ضمن ما يتلف بعمله لأنه إنما أذن بالعمل المصلح المؤدى إلى المقصود من العقد وهو المعقود عليه حقيقة لا المؤدى إلى التلف، ألا ترى أن ذلك العمل لو حصل بفعل الغير يجب به الأجر وعلى ذلك لم يكن المفسد مأذونا فيه فيجب فيه الضمان.

وذهب زفر إلى أنه لا ضمان عليه لأنه أمر بالفعل مطلقا فينتظم العمل بنوعية المعيب والسليم كالأجير الخاص وإلى هذا ذهب الحنفية (٢).

وفى تفصيل أحكام هذا الموضوع وبيانها فى المذاهب يرجع إلى مصطلح ضمان.

«أجير فى الإجارة»

الإتلاف بالسراية

ومثالها فى الجرح حدوث مضاعفات غير منتظرة تؤدى إلى التلف.

[مذهب الحنفية]

قال صاحب الهداية: وإذا فصد الفصاد أو بزغ البزاغ (البيطار، وهو الخاص بالبهائم) ولم يتجاوز الموضع المعتاد فلا ضمان عليه فيما عطب من ذلك، وفى الجامع الصغير بيطار بزغ دابة بدانق فنفقت أو حجام حجم عبدا بأمر مولاه فمات فلا ضمان عليه.

قال صاحب الهداية: ووجهه أنه لا يمكنه التحرز عن السراية لأنه يبتنى على قوة الطبائع وضعفها فى تحمل الألم فلا يمكن التقيد بالمصلح من العمل، ولا كذلك دق الثوب ونحوه لأن قوة الثوب ورقته تعرف بالاجتهاد، فأمكن القول بالتقييد.

وقال صاحب الدر المختار: ولا ضمان على حجام وبزاغ وفصاد لم يجاوز الموضع المعتاد، فان جاوز المعتاد ضمن الزيادة كلها اذا لم يهلك المجنى عليه وان هلك ضمن نصف دية النفس لتلفها، بمأذون فيه وغير مأذون فيه.

ثم فرع عليه بقوله فلو قطع الختان الحشفة وبرئ المقطوع تجب عليه دية كاملة لأنه لما برئ كان عليه ضمان الحشفة وهى عضو كامل كاللسان، وأن مات فالواجب علية نصفها لحصول تلف النفس بفعلين:


(١) ابن عابدين ج‍ ٥ ص ٥٩، ٦٠
(٢) الهداية ج‍ ٣ ص ١٧٩