للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أثر الاكراه فى الأهلية]

الاكراه بجميع أقسامه لا ينافى أهلية الوجوب ولا أهلية الأداء لأن أهلية الوجوب منوطة بالذمة وأهلية الأداء منوطة بالفعل والبلوغ والاكراه لا يؤثر فى شئ من ذلك (١).

[أثر الاكراه فى الاختيار]

الاكراه لا ينافى الاختيار أيضا. لأن الاختيار لو سقط‍ لتعطل الاكراه. اذ الاكراه فيما لا اختيار فيه لا يتصور. دليل ذلك أن المكره حمله على اختيار الفعل وقد وافق المكره (بالفتح) الحامل فيكون مختارا فى الفعل ضرورة اذ لو لم يكن مختارا لم يكن موافقا له فلا يكون مكرها ولكونه مختارا فى الفعل ضرورة كان مخاطبا فى عين ما أكره عليه لأن الخطاب كما يعتمد على الأهلية يعتمد على الاختيار لأنه يعتمد على القدرة وهى بدون الاختيار لا يتحقق فثبت بهذا أن الاكراه لا ينافى أهلية ولا يوجب سقوط‍ الخطاب ولا ينافى الاختيار (٢).

الاكراه بنفسه لا يصلح لابطال حكم شئ

من الأقوال والأفعال:

القول بأن الاكراه لا ينافى أهلية ولا يوجب سقوط‍ خطاب ولا ينافى الاختيار يترتب عليه أن الاكراه بنفسه لا يصلح لابطال حكم شئ من الأقوال مثل الطلاق والبيع والعتق ونحوها من الأفعال مثل القتل واتلاف المال وافساد الصوم والصلاة ونحوها لكونها صادرة عن أهلية واختيار.

نعم يتغير الحكم بدليل آخر بعد ما صح الفعل فى نفسه قياسا على تغير فعل الطائع بدليل يلتحق به يوجب تغير موجبه فان موجب قوله أنت طالق أو أنت حر وهو وقوع الطلاق أو العتاق يثبت عقب التكلم به الا اذا لحق به مغير من تعليق أو استثناء كذلك موجب فعل المكلف كشرب الخمر والزنا والسرقة ثابت فى الحال الا اذا تحقق مانع كحصول هذه الأفعال فى دار الحرب أو تحققت فيها شبهة.

فكذلك يثبت موجب أقوال المكره وأفعاله الا عند وجود المغير لما بينا قبل ذلك من أنها صادرة من عقل وأهلية خطاب واختيار كأفعال الطائع وأقواله (٣).

ومما يدل على ذلك أيضا أن المكره (بالفتح) على اتلاف المال لا يجعل فعله لغوا بمنزلة فعل البهيمة لكن يجعل موجبا للضمان على المكره (٤).

أثر الاكراه:

قد يقال اذا كان الاكراه لا يؤثر بذاته فى الأقوال والأفعال بالابطال فما هو أثره فأقول: يظهر أثره فى حالتين:

الأولى: أنه يؤثر فى تبديل النسبة وذلك اذا تكامل الاكراه بأن كان ملجئا بحيث يصير


(١) راجع كشف الأسرار ج‍ ٣ ص ٣٨٣.
(٢) راجع يشف الأسرار ج‍ ٣ ص ٣٨٤.
(٣) راجع كشف الأسرار ج‍ ٣ ص ٣٨٤.
(٤) راجع كشف الأسرار ج‍ ٣ ص ٣٨٤، ٣٨٥.