للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عند الاجازة اذا كانت بعد الوفاة، وقد بينوا أن الرد والاجازة لا يعتبر الا بعد الموت وأن الاجازة بمعنى الاذن فى حال الحياة فقد جاء فى المغنى، (١) ولا يعتبر الرد والاجازة الا بعد موت الموصى فلو أجازوا قبل ذلك ثم ردوا أو أذنوا لمورثهم فى حياته بالوصية بجميع المال أو بالوصية لبعض الورثة ثم بدا لهم فردوا بعد وفاته فلهم الرد.

[مذهب الظاهرية]

أما الظاهرية فان ابن حزم يقول فى المحلى: لا تحل الوصية لوارث أصلا سواء كان وارثها عند الوصية أو عند الموت فان أوصى لغير وارث فصار وارثا عند موت الموصى بطلت الوصية وان أوصى لوارث ثم صار غير وارث لم تجز له الوصية لأنها اذ عقدها كانت باطلة وسواء جوز الورثة ذلك أو لم يجوزوا الا أن يبتدئوا هبة لذلك من عند أنفسهم (٢) وكما لم يعتبر اجازة الوصية للوارث من باقى الورثة لم يعتبرها فيما زاد على الثلث فقد جاء فى المحلى: ان فضلت فضلة من المال بعد أن يخرج من رأس المال دين الغرماء ثم كفن الميت. كانت الوصية فى الثلث فما دونه لا يتجاوز بها الثلث:

كان له وارث أو لم يكن أجاز الورثة أو لم يجيزوا (٣).

[مذهب الزيدية]

أما الزيدية فانهم قد انقسموا فذهب الهادى والناصر وأبو طالب وأبو العباس منهم الى أنها تجوز للوارث لقوله تعالى:

«كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ» وقد نسخ الوجوب الذى تقتضيه الآية. ونسخ الوجوب لا يقتضى نسخ الجواز. وقال زيد بن على والمؤيد بالله لا تجوز لقوله صلى الله عليه وسلم «لا تجوز الوصية لوارث الا أن يشاء الورثة» واجازة الورثة فى المذهب تقرير لفعل الموصى. أما الوصية بما زاد على الثلث فقد قال القاضى يحيى انها صحيحة موقوفة على الاجازة وقيل لا تصح لنهيه صلى الله عليه وسلم سعدا عن الزيادة والنهى يقتضى الفساد (٤)، وعلى القول بجوازها ونفاذها فى الحالين عند اجازة الورثة تكون هذه الاجازة صحيحة اذا صدرت حال حياة الموصى فى مرضه أو فى صحته أم صدرت بعد وفاته ومثلها فى الحكم اذنه بها قبل صدورها فلا يحتاج بعده الى اجازتها وهذا هو المعتمد عند الزيدية، «المنترع».

[مذهب الإمامية]

أما الإمامية فقد ذهبوا الى أن الوصية للوارث جائزة فلا تحتاج لاذن الورثة الآخرين أما الذى يحتاج فهو الوصية بأزيد من الثلث مطلقا سواء كانت لوارث أم لغير وارث. فقد جاء فى المختصر النافع وتصح الوصية للوارث كما تصح للأجنبى ولو أوصى بزيادة عن الثلث صحت فى الثلث وبطلت فى الزائد. فان أجاز الورثة بعد الوفاة صح وان أجاز بعض منهم صح فى


(١) المغنى ح‍ ٦ ص ٤٢٨.
(٢) المحلى ح‍ ٩ ص ٣١٦.
(٣) المرجع السابق ح‍ ٩ ص ٢٥٢، ٣١٧.
(٤) البحر الزخار ح‍ ٥ ص ٣٠٨، ٣٠٩.