للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

احتاج شريكه إلى رده يلزمه مؤنة الرد فيتضرر به، ولا مؤنة تلزمه فيما لا حمل له.

ووجه قول أبى حنيفة ومحمد أن الإذن بالتصرف يثبت مقتضى الشركة، وأنها صدرت مطلقة عن المكان، والمطلق يجرى على إطلاقه، إلا لدليل، ولهذا جاز للمودع أن يسافر على أنه فى معنى المودع، لأنه مؤتمن فى مال الشركة، كالمودع فى مال الوديعة، مع ما أن الشريك يملك أمرا زائدا لا يملكه المودع، وهو التصرف، فلما ملك المودع السفر، فلأن يملك الشريك أولى.

وقول أبى يوسف أن المسافرة بالمال مخاطرة به، مسلم، إذا كان الطريق مخوفا، فأما إذا كان آمنا، فلا خطر فيه، بل هو مباح، لأن الله سبحانه وتعالى أمر بالابتغاء فى الأرض من فضل الله، ورفع الجناح عنه بقوله عز شأنه:

«لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ» (١)، مطلقا من غير فصل.

وما ذكر من لزوم مؤنة الرد فيما له حمل ومؤنة فلا يعد ذلك غرامة فى عادة التجار، لأن كل مؤنة تلزم تلحق برأس المال ..

[مذهب المالكية]

جاء فى الحطاب (٢): أنه لا يفسد انفراد أحد الشريكين بشئ فى شركة المفاوضة.

قال البساطى: يحتمل أن يريد أن شركة المفاوضة لا يفسدها أن يعين كل صنفا للآخر يعمل فيه ويشتركان فى غيرهما فى العمل.

ويحتمل أن يريد أن عمل كل فى مال لنفسه لا يفسدها إذا استويا فى عمل الشركة.

والثانى هو المنصوص.

ولا يبعد الأول إذا كان المنفردان قريبين.

قال الحطاب فى المدونة: ولأحد المتفاوضين أن يبضع ويقارض دون إذن الآخر.

قال اللخمى هذا إذا كان المال واسعا يحتاج فيه إلى مثل ذلك. فإن لم يكن فيه فضل عنهما لم يخرجه عن نظره إلا برضا شريكه. أو يكون ذلك فى شئ بار عليهما وبلغه عن بلد نفاق ولا يجد إلى السفر به سبيلا. أو يبلغه عن سلع نفاق ببلد فيبعث ما يشبه أن يبعث به من مثل ما بأيديهما.

ومثل هذا يعرف عند النزول ونقله أبو الحسن.

وظاهره أنه وفاق للمدونة.

وفى المدونة وإن أبضع أحدهما مع رجل دنانير من الشركة ثم علم الرجل بموت الذى أبضعها معه، أو بموت شريكه، فإن علم أنها من الشركة فلا يشترى بها شيئا وليردها على الباقى.

وإن بلغه افتراقهما فله أن يشترى، لأن ذلك لهما بعد، وفى الموت يقع بعضه للورثة وهم لم يأمروه.

قال أبو الحسن: ولا يشترى بنصيب الباقى، لأن نصيبه مشاع فى جميع المال، وليس للمبضع


(١) الآية رقم ١٩٨ من سورة البقرة.
(٢) مواهب الجليل لشرح مختصر أبى الضياء سيدى خليل ج ٥ ص ١٢٦، ١٢٧ طبع مطبعة دار احياء الكتب العربية بمصر الطبعة الأولى سنة ١٣٢٣ هـ‍.