للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثالثًا: إنكار نسب الوارث وما يترتب عليه

جاء فى (المحلى): "من أقر لآخر أو لله تعالى بحق فى مال أو دم أو بشرة، وكان المقر عاقلا بالغا غير مكره وأقر إقرارا تاما ولم يصله بما يفسده، فقد لزمه ولا رجوع له بعد ذلك، فإن رجع لم ينتفع برجوعه، وقد لزمه ما أقر به على نفسه من دم أو حد أو مال، فإن وصل الإقرار بما يفسده بطل كله، ولم يلزمه شئ لا من مال ولا قود ولا حد. .

ثم قال: وإنما هذا كله إذا لم تكن بينة، فإذا كانت البينة فلا معنى للإنكار ولا للإقرار .. (١)

[مذهب الزيدية]

أولًا: الإنكار في الحمل والولادة:

جاء في (التاج المذهب): يصح من الزوج النفى للحمل حال الحمل إن وضع ذلك الحمل لدون أدنى مدته، وهذا مع اللبس، وأما إذا علم وجود الحمل صح النفى، فإذا ولدت لدون ستة أشهر من يوم النفى انكشف صحة ذلك النفى، وإن وضعت لأكثر بطل النفى، وليس المراد أنه يشترط في لفظ النفى أن يقترن بالشرط بل يصح منه النفى من غير شرط، ولكنه في نفس الأمر مشروط بأن تضع لدون أدنى مدة الحمل (٢).

ثانيًا: إنكار نسب الولد من الزوجة وما يترتب عليه:

جاء في (التاج المذهب): إذا نفى الزوج ولدا ثم فَرَّقَ الحاكم بينهما ثم ولدت آخر فإنه يكفى هذا اللعان لمن ولد بعده، أي بعد الوضع لدون الحمل، وإذا نفاه الزوج ولم يقر به، فإن أقر به حد لقذف الزوجة إن طلبته، ولزمه الولدان؛ لأنه حمل واحد، ولو نفى ولدًا ثم وقع اللعان بينهما والحكم بالنفى ثم أكذب نفسه بعد ذلك وأقرّ به فإنه يصح الرجوع من الزوج عن النفى، فيبقى من تلك الأحكام التي ثبتت بعد الحكم التحريم المؤبد، ويبطل باقيها، فإن رجع الزوج وأكذب نفسه بعد موت الولد المنفى لم يرثه هذا الأب الملاعن، وإن كان للولد المنفى ولد ثبت نسبه وميراثه؛ لأن النسب أصل والميراث فرع، وإذا ثبت الأصل ثبت الفرع، هذا هو المختار للمذهب ولا يصحّ من الرجل نفى الولد بعد الإقرار به، أو نفى الولد بعد السكوت حين العلم، به وقد علم أن له النفى، ولا يصحّ نفى الولد بدون حكم ولعان، فلو تصادق الزوجان على نفى الولد لم ينتفِ، وكذا لو التعنا ولم يقع بينهما حكم أو حكم الحاكم من دون لعان لم يصح النفى لمن مات أو مات أحد أبويه قبل الحكم بالنفى، بل يثبت نسب الولد والميراث.

ولا يصح النفى أيضًا لبعض بطن دون بعض، فلو ولدت المرأة توأمين لم يصح نفى أحدهما دون الآخر، ويتلاعن الزوجان لأجل القذف كما مر قريبًا.

ولا يصح النفى أيضًا لبطن ثان غير هذا المنفى إذا لحقه بعد اللعان، فلو وقع اللعان بنفى الولد وحكم الحاكم ثم جاءت بولد بعد ذلك لستة أشهر فصاعدًا من وضع الأول إلى أربع سنين من يوم الحكم لحقه هذا الولد لمكان الفراش الأول،


(١) المحلى: ٨/ ٢٥٠.
(٢) التاج المذهب: ٢/ ٢٦٦.