للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذهب الظاهرية]

جاء فى المحلى أن النوم فى ذاته حدث ينقض الضوء سواء قل أو كثر قاعدا أو قائما فى صلاة أو غيرها راكعا كان أو ساجدا أو متكئا أو مضطجعا، أيقن من حواليه أنه لم يحدث أو لم يوقنوا لما روى عن عاصم بن أبى النجود عن زر ابن حبيش قال سألت صفوان بن عسال عن المسح على الخفين فقال:

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا اذا كنا مسافرين أن نمسح على خفافنا ولا ننزعها ثلاثة أيام من غائط‍ وبول ونوم من جنابة، فعم صلى الله عليه وسلم كل نوم ولم يخص قليله من كثيره ولا حالا من حال، وسوى بينه وبين الغائط‍ والبول (١).

أما ذهاب العقل بأى شئ ذهب من جنون أو اغماء أو سكر من أى شئ كان السكر فلا ينقض الوضوء خلافا لمن أوجب الوضؤ من ذلك ولا يقاس من ذلك على النوم اذ القياس باطل لأن النوم لا يشبه الاغماء ولا الجنون ولا السكر فيقاس عليه.

وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر المشهور الثابت عن عائشة أم المؤمنين رضى الله تعالى عنها أنه صلى الله عليه وسلم فى علته التى مات فيها أراد الخروج للصلاة فأغمى عليه، فلما أفاق اغتسل، ولم تذكر وضوءا وانما كان غسله ليقوى على الخروج فقط‍ (٢).

ولا صلاة على مجنون ولا على مغمى عليه.

ولا حائض ولا نفساء ولا قضاء على واحد منهم الا ما أفاق المجنون والمغمى عليه أو طهرت الحائض والنفساء فى وقت أدركوا فيه بعد الطهارة الدخول فى الصلاة.

لما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (رفع القلم عن ثلاثة فذكر المجنون حتى يفيق وأما المغمى عليه فلأنه لا يعقل ولا يفهم فالخطاب عنه مرتفع).

واذا كان كل من ذكرنا غير مخاطب بها فى وقتها الذى الزم الناس أن يؤدوها فيه فلا يجوز أداؤها فى غير وقتها لأنه لم يأمر الله تعالى بذلك، وصلاة لم يأمر الله تعالى بها لا تجب (٣).

وأما من سكر حتى خرج وقت الصلاة أو نام عنها حتى خرج وقتها أو نسيها حتى خرج وقتها ففرض على هؤلاء خاصة أن يصلوها أبدا، قال الله عز وجل «لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ ٤}.

فلم يصح الله تعالى للسكران أن يصلى حتى يعلم ما يقول.

وروى عن أبى قتادة رضى الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (انه ليس فى النوم تفريط‍ انما التفريط‍ فى اليقظة فاذا نسى أحدكم صلاة أو نام عنها فليصلها اذا ذكرها (٥).

ولا يجوز أن يؤذن ويقيم الا رجل بالغ عاقل مسلم فلا يجزئ أذان من لا يعقل حين أذانه لسكر أو نحو ذلك لأن الصبى والمجنون والذاهب العقل لسكر غير مخاطبين فى هذه الأحوال.

وقد قال النبى صلى الله عليه وسلم (رفع القلم عن ثلاثة فذكر الصبى والمجنون والنائم) والأذان مأمور به فلا يجزئ أداؤه الا من مخاطب به بنية أدائه ما أمر به (٦).


(١) المحلى لأبى محمد على بن أحمد بن سعيد بن حزم ج‍ ١ ص ٢٢٢، ص ٢٢٣ مسئلة رقم ١٥٨ الطبعة الأولى طبع النهضة بمصر بتحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر سنة ١٣٤٧ هـ‍.
(٢) المرجع السابق ج‍ ١ ص ٢٢١، ٢٢٢ مسئلة رقم ١٥٧ نفس الطبعة.
(٣) المرجع السابق ج‍ ٢ ص ٢٣٣، ص ٢٣٤ مسئلة رقم ٢٧٧ نفس الطبعة.
(٤) الآية رقم ٤٣ من سورة النساء
(٥) المحلى لأبى على محمد بن حزم ج‍ ٢ ص ٢٣٤، ٢٣٥ مسئلة رقم ٢٧٨ الطبعة السابقة.
(٦) المرجع السابق ج‍ ٣ ص ١٤٠، ص ١٤١ مسئلة رقم ٣٢٣ نفس الطبعة.