للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البيع يجوز فيه التأجيل الى الوقت الذى يتم الاتفاق عليه ومقتضى قولهم أن الأجرة فى الاجارة اذا كانت عينا كانت كالمبيع فى البيع أنها لا تقبل التأجيل فى هذه الحال الى ما بعد استحقاقها واذا عجلت الأجرة فى هذه الحال صح ذلك لأن التأخير فى أدائها انما ثبت حقا للمستأجر باشتراطه فيملك ابطاله بالتعجيل كما لو كان عليه دين مؤجل فعجله ولأن العقد سبب لاستحقاق الأجرة فاذا ما استحقت بالتعجيل فقد استحقت بعد انعقاد سبب الاستحقاق وتعجيل الحكم قبل الوجوب وبعد وجود سبب الاستحقاق جائز واذا لم يكن شرط‍ وكان عرف وجب اتباع العرف فاذا اقتضى تأجيلا أو تعجيلا كان الأمر كما يقتضى (١)، وقد سبق بيان مذهب المالكية عند كلامنا على الأحكام المتعلقة بالاجارة اذا ما كانت الأجرة دينا أو عينا.

[مذهب الشافعية]

ذهب الشافعية الى وجوب قبض الأجرة فى مجلس العقد فى اجارة الذمة وهى اجارة موصوف من دابة ونحوها لحمل أو ركوب ونحو ذلك أو عامل لالزامه فى ذمته بعمل من الأعمال كخياطة وبناء لأن الأجرة فى هذه الحال كرأس مال فى سلم اذ أن الاجارة فى مثل ذلك تعد سلما فى المنافع فيجب قبضها فى المجلس ولا يصح الابراء منها ولا أن يستبدل بها ولا يحال بها ولا عليها ولا يجوز تأجيلها سواء تأخر العمل فيها عن العقد أم لا وأما فى اجارة العين كما فى اجارة معين من عقار أو حيوان ونحوها فهى فى الحكم كثمن فى البيع فلا يجب قبضها فى المجلس معينة كانت أو دينا ويجوز أن تشغل بها الذمة كما يجوز حينئذ الابراء منها والاستبدال عنها والحوالة بها وعليها واشتراط‍ تعجيلها واشتراط‍ تأجيلها ان كانت دينا اذ أنها فى حكم الثمن فان كانت معينة لم يجز تأجيلها لأن الأعيان لا تقبل التأجيل (٢).

[مذهب الحنابلة]

ذهب الحنابلة الى أن المؤجر يملك الأجرة كاملة فى وقت العقد الا أن يكون شرط‍ بتأجيلها، جاء فى المغنى فى كلامه على أحكام الاجارة: الحكم السادس: اذا شرط‍ تأجيل الأجر فهو الى أجله وان شرط‍ منجما يوما يوما أو نحو ذلك فهو على ماتم الاتفاق عليه لأن اجارة العين كبيعها وبيعها يصح بثمن حال أو مؤجل فكذلك اجارتها (٣).

[مذهب الزيدية]

ويرى الزيدية جواز اشتراط‍ تعجيل الأجرة فى الاجارة واشتراط‍ تأجيلها (٤)، واذا لم يشترط‍ فيها تأجيل ولا تعجيل وجبت باستيفاء المنفعة.

[مذهب الظاهرية]

جاء فى المحلى لابن حزم: ولا يجوز اشتراط‍ تعجيل الأجرة ولا تعجيل شئ منها ولا اشتراط‍ تأخيرها الى أجل ولا تأخير شئ منها كذلك ولا يجوز أيضا اشتراط‍ تأخير الشئ المستأجر ولا تأخير العمل المستأجر له طرفة عين فما فوق ذلك لأنه شرط‍ ليس فى


(١) البدائع ج‍ ١ ص ٢٠٢ و ٢٠٣ و ٢٠٤ وتبيين الحقائق للزيلعى ج‍ ٥ ص ١٠٨، ص ١٠٩.
(٢) نهاية المحتاج ج‍ ٥ ص ٢٦١ وما بعدها.
(٣) المغنى ج‍ ٦ ص ٤، ١٦.
(٤) شرح الأزهار ج‍ ٣ ص ٢٨٧، ٢٨٨.