للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالفلس على فلان أو منعته من التصرف فى أمواله أو أبطلت تصرفاته فيها. وقيل المعتبر أن يقول القاضى: حجرت بالفلس إذا منع التصرف من أحكام الحجر المترتبة عليه فلا يقع به الحجر ويستحسن ويستحب للقاضى أن يشهد على حجر المفلس وأن يشهر النداء عليه فيأمر مناديا ينادى فى البلد أن القاضى حجر على فلان بن فلان ماله ليحذر الناس معاملته وأجرة المنادى أن احتيج اليها تكون من مال المفلس فان لم يكن له شئ فمن بيت المال.

[مذهب الحنابلة]

اذا رفع الى القاضى شخص عليه دين فطلب دائنوه من القاضى الحجر عليه لم يجبهم حتى تثبت ديونهم عنده بالبينة أو باقرار المديون. فاذا ثبتت نظر فى ماله فإن كان وافيا بدينه لم يحجر عليه ويأمره بقضاء دينه فإن أبى حبسه فإن لم يقضه وصبر على الحبس قضى القاضى دينه من ماله. وإن احتاج الى بيع ماله فى قضاء دينه باعه عليه، وإن كان ماله لا يفى بدينه الحال وطلب دائنون كلهم أو بعضهم من القاضى أن يحجر عليه لافلاسه فإنه يلزمه اجابتهم لذلك ويحجر عليه بعد اثبات ديونهم بما ذكر.

ولا يثبت الحجر بسبب الافلاس الا بحكم القاضى ولا يجوز للقاضى إن يحجر على المفلس بغير طلب الدائنين لأنه لا ولاية له فى ذلك. إنما يفعله لحق الدائنين فاعتبر رضاهم. وكذلك لا يجوز له أن يحجر على من لا مال له يوفى منه شيئا من الدين، لأنه تحرم مطالبته كما لا يجوز له أن يحجر على المديون بدين مؤجل لم يحل لأنه لا يلزمه أداؤه قبل حلول تظهر عليه أمارات الافلاس ولأن الدائنين لا يمكنهم طلب حقوقهم فى الحال فلا حجر. واذا طلب المفلس من القاضى أن يحجر عليه بدون طلب الدائنين ذلك فلا يلزم القاضى اجابته الى ذلك لأن الحجر عليه حق لدائنيه لا له. ويستحب للقاضى اظهار الحجر على المفلس، ليعلم الناس حالة فلا يعاملوه الا على بصيرة حتى لا تضيع أموالهم كما يستحب له أن يشهد عليه لينشر ذلك وربما عزل القاضى أو مات فيثبت الحجر عليه عند القاضى الآخر فلا يحتاج الى ابتداء حجر ثان بخلاف ما اذا لم يشهد (١).

[مذهب الظاهرية]

قال ابن حزم: لا يجوز الحجر على أحد فى ماله الا على من لم يبلغ، أو على مجنون فى حال جنونه. وقال ايضا: إنه ليس لدائنى المفلس فى الحكم الا إن يقضى القاضى لهم بعين ماله، ثم يباع لهم ويقسم عليهم بالحصص، لأنه لا سبيل الى انصافهم بغير هذا، ولما روى عن عمر: «أن رجلا من جهينة كان يشترى الرواحل الى أجل فيغالى بها فأفلس، فرفع الى عمر بن الخطاب قال:

أما بعد أيها الناس فإن الاسفع أسفع بنى جهينة رضى من دينه وأمانته بأن يقال: سبق الحاج، وأنه أدان معرضا فأصبح قد دين به فمن كان له عليه شئ فليغد بالغداة فأنا قاسمون ماله بالحصص «وكذلك لما روى أنه عليه السّلام باع للدائنين مال معاذ فنحن نقول به وإن لم يصح من طريق السند لأنه مرسل (٢).

[مذهب الزيدية]

يجب على القاضى أن يحجر على المديون المفلس اذا ثبت الدين عليه سواء كان الدين لآدمى أو لله


(١) كشاف القناع وشرح المنتهى بهامشه ج ٢ ص ١٣٩، ١٤١، ٢٠٦، ٢٠٩ الطبعة السابقة، المغنى والشرح الكبير ج ٤ ص ٤٥٦، ٤٦٢، ٤٨٨ الطبعة السابقة
(٢) المحلى ج‍ ٩ ص ١٧٠ وج‍ ٨ ص ٦٢٧ ص ٦٢٩