للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بطلبه (١). ومقابل الأصح: لا يحجر على المفلس بطلبه لأن الحلق للدائنين فى ذلك والحجر ينافى الحرية والرشد. وإنما يحجر عليه بطلب الدائنين للضرورة وأنهم لا يتمكنون من تحصيل مقصودهم إلا بالحجر خشية الضياع بعكس المفلس فإن غرضه الوفاء وهو متمكن منه ببيع أمواله وقسمتها على دائنيه.

ويستثنى من هذا الشرط‍ ما اذا كان الدين لمحجور عليه لصغر أو جنون أو سفه وقصر وليه فى طلب الحجر على المديون المفلس فانه يجب على القاضى الحجر عليه بدون (٢) طلب من الدائن أو وليه لأنه ناظر لمصلحته ومثله ما لو كان الدين أجرة مكان لمسجد مثلا قد تجمدت على المفلس أو كان لجهته عامة كالفقراء أو المسلمين فيمن مات بدون وارث فورثوه وله مال على مفلس. ولا يحجر على المفلس بسبب افلاسه بدين غائب رشيد بدون طلب، لأنه ليس للقاضى إستيفاء مال الغائبين من الذمم وإنما له حفظ‍ أعيان أموالهم. ومحله - كما قال الفارقى - اذا كان المديون ثقة فإن كان غير موثوق فللقاضى الحجر عليه حينئذ بدون طلب.، ثانيا: أن يكون الدين عينيا، فلا حجر للافلاس بالمنافع نحو أن يلتزم حمل جماعة الى مكة مثلا. وقيل: يحجر عليه بها (٣)

ثالثا: أن يكون الدين لازما فلا حجر للافلاس بالثمن فى مدة خيار المشترى لانتفاء اللزوم (٤).

رابعا: أن يكون الدين لآدمى فلا حجر للافلاس بدين الله تعالى وإن كان فوريا كالزكاة اذا حال الحول وحضر المستحقون (٥). خامسا: أن يكون الدين حالا، فلا حجر للافلاس بدين مؤجل، ولا يحسب من الديون المقابلة بمال المفلس، لأنه لا حق لصاحبه فى المطالبة به فى الحال (٦). سادسا: أن يكون الدين زائدا على مال المفلس الذى يتيسر أداء الدين منه عينا كان أو منفعة يتمكن من تحصيل أجرتها أو دينا على مقربه غنى حاضر بنفسه أو ماله.

فلا يعتبر ضمن مال المفلس المال المغصوب منه أو الغائب عنه أو المنافع التى لا يتمكن من تحصيل أجرتها. ولو كانت الديون مساوية للمال فإن كان المديون كسوبا ينفق من كسبه فلا حجر عليه، لعدم الحاجة. بل يلزمه القاضى بقضاء الديون.

وإن لم يكن كسوبا وكانت نفقته من رأس ماله فكذلك لا حجر عليه فى الأصح، لتمكن الدائنين من المطالبة فى الحال. وقيل: يحجر عليه كى لا يضيع ماله فى النفقة (٧). واذا كان المديون المفلس لا مال له أصلا فالأصح أنه لا حجر عليه لأن الحجر إنما يكون على ماله دون نفسه وما يحدث له من المال إنما يدخل فى الحجر تبعا لا استقلالا، وما جاز تبعا لا يجوز قصدا، وقال الرافعى: يجوز الحجر عليه منعا له من التصرف فيما عساه يحدث له من مال باصطياد ونحوه وكان يخاف عليه اتلافه فيحجر عليه القاضى حتى اذا وجد فى يده مال كان للدائنين وكان هو ممنوعا من إتلافه (٨). سابعا: أن يكون الحاجر على المفلس هو القاضى دون غيره من محكم أو مصلح، لأن ذلك يحتاج الى نظر واجتهاد.

وقيل: أن مثل القاضى فى ذلك المحكم (٩). والمراد بالقاضى هو قاضى بلد المحجور عليه لا قاضى بلد ماله خلافا للأزرعى (١٠). ويكفى فى الحجر بسبب الافلاس لفظ‍ يدل عليه على الأوجه نحو حجرت


(١) قال الحافظ‍: ان هذه الرواية خلاف ما صح من الروايات المشهورة ففى المراسيل لابى داود التصريح بأن الدائنين التمسوا ذلك (انظر نيل الاوطار ج ٥ ص ٢٤٥).
(٢) نهاية المحتاج بحاشية الشبراملسى ج ٣ ص ٣٠٨، ٣١٠، ٣١١، شرح المحلى على المنهاج بحاشية القليوبى ج ٢ ص ٢٨٦ طبعة دار إحياء الكتب العربية للحلبى سنة هـ‍، مغنى المحتاج للخطيب ج ٢ ص ١٤٦ - ١٤٧ طبعة مصطفى محمد
(٣) شرح المحلى على النهاج بحاشية القليوبى ج ٢ ص ٢٨٦، حاشية البجرمى على شرح منهج الطلاب ج ٢ ص ٣٦٤ المطبعة الاميرية الطبعة الثالثة سنة ١٣٠٩
(٤) حاشية البجرمى على شرح منهج الطلاب ج ٢ ص ٣٦٥
(٥) نهاية المحتاج بحاشية الشبراملسى ج ٣ ص ٣٠٨
(٦) شرح المحلى على المنهاج بحاشية القليوبى السابق
(٧) المرجع السابق، نهاية المحتاج بحاشية الشبراملسى ج ٣ ص ٣١٠
(٨) المرجع السابق ٢ ص ٣٠٩ واسنى المطالب بحاشية الرملى ج ٢ ص ١٨٤
(٩) نهاية المحتاج بحاشية الشبراملسى ج ٣ ص ٣٠٩، حاشية القليوبى على شرح المحلى للمنهاج ج ٢ ص ٢٨٥
(١٠) حاشية البجرمى على شرح منهج الطلاب ج ٢ ص ٣٦٦