للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الولاية على النفس وعلى مال ضعيف الأهلية وهى في الحال الأولى حيث تكون عامة وعلى الجماعة ونحوها نوعٌ من الإِمارة فصاحبها يسمى أميرا كما يسمى واليا في الاصصلاح الشرعى وإنما سمى في هذه الحال أميرا لما يكون له عادة من حق الطاعة على من يلى عليهم فيما يأمرهم به وما يرشدهم إليه فكان له بسبب ذلك الريادة والقيادة والرياسة عليهم ومن ثم سمى أميرا وذلك لما يوحى به مدلول هذا اللفظ لأنه من معنى الأمر ومضمون الآمر وقد جرى الاستعمال الاصطلاحى على أن هذا اللقب أو الوصف لا يطلق إلا عند كثرة المولى عليهم واشتراكهم في وال واحد يتعهدهم كما في أمير المصر وأمير الجيش ونحو ذلك. أما في غير هذه الحال فلا يستعمل اسم أميرا ولكن يستعمل اسم وال أو ولى كما في ناظر الوقف والولى على الأيتام والقيم على المحجور عليهم والقائم بالتصرف بناء على الإِذن فيه والمتصرف لنفسه والولى على النفس أو على المال فكل هؤلاء أولياء وليسوا بأمراء وربما أطلق اسم أمير في غير ذلك كما في حديث أميرى جبريل المتقدم ذكره.

أما في الحال الثانية حيث تكون خاصة فلا تعد من الإِمارة ولا يسمى الوليّ في هذه الحال أميرا ومن هذا يظهر أن الولاية أعم من الإِمارة فكل أمير وال على من أمّر عليه وليس كل وال أميرا على من يلى عليه كالوصى فإنه لا يسمى أميرا على الصغار ومما ينبغى ملاحظته أن الولاية تستبع نيابة عن المولى عليه كما ولاية الوصى والقيم، أما الإمارة فقد تستبع نيابة الأمير نيابة عامة عن من أمِّر عليه كأمارة القاضي فإن القاضي يعد نائبا على من له ولاية القضاء فيهم في بعض الأحوال كما في قيامه بتزويج من لا ولى له من ناقص الأهلية وذلك مما يعرف حكمه ومسائله في موضعه من مصطلح قضاء أو ولاية.

أنواع الإِمارات:

الإمارة قد تكون عامة وقد تكون خاصة ومرجع ذلك إلى عموم موضوعها وخصوصه وإلى خصوص مكانها وحدوده من ناحية شمولها وعدم شمولها فأعم الإِمارات إمارة أمير المؤمنين وهى ما تسمى بالخلافة وبالإِمامة العظمى وهى الرياسة الجامعة لمصالح الدين وحراسته وسياسة الدنيا بالدين. وقد أجمع السلف من أهل السنة وجمهور الطوائف الأخرى على أن نصْب الإِمام واجب على المسلمين وأن طاعته واجبة في غير معصية الخالق وأنه يستمد ولايته في إمارته من الأمة وهو منفذ لما تضمنه كتاب الله وسنة رسوله. وللباحثين في الخلافة طرق مختلفة تبعا لاختلافهم في وجهة النظر إليها ولكنها جميعها تنتهى إلى نتيجة واحدة وهى أنها رياسة دينية في أمر الدين والدنيا لشخص من الأشخاص نيابة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا عامة بمعنى أنها لا تتقيد بحادثة ولا بضرب من ضروب السلطة ولا بنوع من أنواع الولايات ولا ببلد إسلامى من البلدان وليس يعلوها إمارة أخرى ولا تحد إلا بما يحدها به الشرع. ويشترط فيه أن يكون مكلفا مسلما عدلا حرا ذكرا مجتهدا شجاعا ذا رأى وكفاية سميعا بصيرا ناطقا قرشيا وفى هذه الشروط آراء ومذاهب لكثير من العلماء كما أن لهم بحوثا وآراء فيما يتعلق بهذا الموضوع من وجوب تولية الخليفة وطريق تعيينه وممن يكون اختياره وشروط من له الحق في اختياره وبم تنعقد إمامته وفى وحدته وتعدده ومصدر سلطته وإطلاقها وتقييدها وعصمته وعدمها - فلهم في