للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذهب الحنابلة]

جاء في كشاف القناع أن المدعى عليه إن لم يحلف قال له الحاكم إن حلفت وإلا قضيت عليك بالنكول؛ لأن النكول ضعيف فوجب اعتضاده بذلك، ويستحب أن يقول ذلك ثلاثا إزالة لمعذرته، وكذا يقول الحاكم للمدعى عليه في كل موضع قلت يستحلف المدعى عليه فإن لم يحلف المدعى عليه قضى بالنكول إذا سأله المدعى ذلك لأن عثمان رضى الله تعالى عنه قضى على ابن عمر رضى الله تعالى عنهما بنكوله، رواه أحمد، ولقول النبى - صلى الله عليه وسلم -: اليمين على المدعى عليه فحصرها في جهته فلم تشرع لغيره وسواء كان المدعى عليه مأذونا له أو مريضا أو غيرهما، والنكول كإقامة بينه لا كإقرار بالحق لا يتأتى جعله مقرا مع إنكاره، ولا كبذل الحق لأن البذل قد يكون تبرعا ولا تبرع هنا، لكن لا يشارك من قضى له بالنكول على محجور عليه لفلس غرمائه لاحتمال التواطؤ، ولا ترد اليمين على المدعى لحصره - صلى الله عليه وسلم - لها في جهته (١). وإن كان للمدعى شاهد واحد في المال أو ما يقصد منه المال كالوكالة في المال عرفه الحاكم أن له أن يحلف مع شاهده ويستحق بلا رضا خصمه لما روى أن النبى - صلي الله عليه وسلم - قضى باليمين والشهادة، فإن قال المدعى: لا أحلف وأرضى يمينه استحلف له كما لو يكن أقامه، فإذا حلف سقط عنه الحق أي انقطعت الخصومة فإن عاد المدعى بعدها وقال أنا أحلف مع شاهدى لم يستحلف لأن اليمين فعله وهو قادر عليها فأمكنه أن يسقطها بخلاف البينة وإن عاد قبل أن يحلف المدعى عليه فبذل المدعى اليمين لم يكن له ذلك في هذا المجلس. نكره في الشرح والمبدع، وإن سكت المدعى عليه فلم يقر ولم ينكر أو قال المدعى عليه لا أقر ولا أنكر أو قال لا أعلم قدر حقه قال له القاضي احلف وإلا جعلتك ناكلا وقضيت عليك لأنه ناكل لما توجه عليه الجواب فيه فيحكم عليه بالنكول عنه كاليمين، والجامع بينهما أن كل واحد من القولين طريق إلى ظهور الحق، ويسن تكراره من الحاكم ثلاثا ذكره في الكافى والمستوعب والمنتهى (١). وإن قال المدعى عليه بعد ثبوت الدعوى: قضيته أو أبرأنى وذكر أن له بينة بالقضاء أو الإبراء وسأل الإنظار أنظر ثلاثة أيام فقط لأن ما زاد عليها فيه طول بخلافها فإنها قريبة وقد لا تتكامل البينة فيما دونها ولو ألزمناه في الحال لكان تضييقا عليه، فإن عجز المدعى عليه عن بينة القضاء أو الإبراء حلف المدعى على نفى ما ادعاه من القضاء والإبراء لأن الأصل عدمه واستحق ما ادعى به لأن الأصل بقاؤه، فإن نكل المدعى عن اليمين قضى عليه بنكوله وصدق المدعى عليه لأنه منكر توجهت عليه اليمين فنكل عنها فحكم عليه بالنكول كما لو كان مدعى عليه ابتداء. هذا كله إن لم يكن المدعى عليه أنكر أولا سبب الحق، فأما إن أنكره ثم ثبت فادعى قضاء أو إبراء سابقا لإنكاره لم يسمع منه وإن أتى ببينة نصا (٢).


(١) كشاف القناع على متن الإقناع للشيخ منصور بن إدريس جـ ٤ ص ١٩٩ في كتاب على هامشه شرح منتهي الإرادات للشيخ منصور بن يونس البهوتى الطبعة الأولى طبع المطبعة العامرة الشرفية بمصر سنة ١٣١٩ هـ.
(٢) المرجع السابق جـ ٤ ص ٢٠٠ نفس الطبعة.