للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وغير متهم فى شهادة لقوله تعالى «ذلِكُمْ أَقْسَطُ‍ عِنْدَ اللهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ، وَأَدْنى أَلاّ تَرْتابُوا» والريبة حاصلة بالتهم.

ولما روى الحاكم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: لا تجوز شهادة ذى الظنة ولا ذى الأحنة والظنة التهمة والأحنة العداوة.

وأن يكون ناطقا فلا تقبل شهادة الأخرس وان فهمت اشارته.

وأن يكون يقظا كما قاله صاحب التنبيه والجرجانى وغيرهم.

وأن لا يكون محجورا عليه لسفه.

[من تقبل شهادته ومن لا تقبل]

جاء فى المهذب (١): ولا تقبل شهادة الصبى.

ولا شهادة المغفل الذى يكثر منه الغلط‍، لأنه لا يؤمن أن يغلط‍ فى شهادته.

وتقبل الشهادة ممن يقل منه الغلط‍ لأن أحدا لا ينفك من الغلط‍.

واختلف أصحابنا فى شهادة الأخرس.

فمنهم من قال تقبل، لأن اشارته كعبارة الناطق فى نكاحه وطلاقه فكذلك فى الشهادة.

ومنهم من قال لا تقبل لأن اشارته أقيمت مقام العبارة فى موضع الضرورة وهو فى النكاح والطلاق لأنها لا تستفاد الا من جهته ولا ضرورة بنا الى شهادته، لأنها تصح من غيره بالنطق فلا تجوز باشارته ..

ولا تقبل شهادة العبد ولا الكافر ولا الفاسق.

فان ارتكب كبيرة كالغصب والسرقة والقذف وشرب الخمر فسق وردت شهادته سواء فعل ذلك مرة أو تكرر منه.

والدليل على ذلك قول الله تعالى «وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ»}.

وما روى عن النبى صلى الله عليه وسلم من قوله - لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا زان ولا زانية ولا ذى غمز على أخيه فورد النص فى القذف والزنا وقسنا عليهما سائر الكبائر. وأن تجنب الكبائر وأرتكب الصغائر فان كان ذلك نادرا لم يفسق ولم ترد شهادته.

وان كان ذلك غالبا فى أفعاله فسق ورد فى شهادته، لأنه لا يمكن رد شهادته بالقليل من الصغائر، لأنه لا يوجد من يمحض الطاعة ولا يخلطها بمعصية.


(١) المهذب ج‍ ٢ ص ٣٢٤ وما بعدها الطبعة السابقة.