للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مصطلح "الإنابة"

[الإنابة لغة]

إقامة الإنسان غيره مقامه في فعل أو تصرف وهى مصدر الفعل أناب وهو الفعل ناب بعد تعديته بالهمزة يقال ناب عنه نوبا ومنابا إذا قام مقامه وعند تعديته يقال أناب فلانا عنه (١). وفى المصباح ناب الوكيل عنه في كذا ينوب نيابة فهو نائب وزيد منوب عنه ويقال ناب عنى نيابة إذا قام مقامى وأنبته أنا عنى واستنبته (٢). إذا أنبته عنك في أمر من الأمور.

[الإنابة شرعا]

إقامة الإنسان غيره في عمل أو تصرف على وجه يعد فعلا منه في أمر مطلوب فيكون له أثره وتسقط به العهدة والطلب إن كان ذلك في أمر مطلوب ومثلها في المعنى الاستنابة وقد يكون له حتى الاستنابة ما لم يمنع من ذلك كوصي القاضي له حق الاستنابة وأن لم يؤذن بالاستنابة ما لم يمنعه القاضي من أن يستنيب عنه في ولايته وقد يكون له حق الاستنابة وإن منع من ذلك كالوصى المختار.

[الإنابة والتوكيل]

التوكيل شرعا هو إقامة الإنسان غيره مقامه في تصرف أو عمل معلومين جائزين له شرعا حال الحياة. ولذا لا يعد الوصى وكيلا لأن نيابته تكون بعد الوفاة ويعد نائبا لأن نيابته عن الموصى كما يعد الوكيل نائبا عن الموكل لأن كلا منهما يقوم مقام غيره فيما يباشره من عمل في حدود ولايته وبذلك تتحقق نيابته عمن أقامه إذ لا يشترط في النيابة أن تكون في زمن معين ولذا كانت النيابة أعم من الوكالة فكل وكيل نائب وليس كل نائب وكيل وعلى هذا تنفرد النيابة عن الوكالة في الوصى على الصغار والوصى على الشركة وناظر الوقف بعد وفاة الواقف ولا تنفرد الوكالة عن النيابة وكما تنفرد الإنابة عن الوكالة بثبوتها بعد الوفاة تنفرد كذلك عنها بثبوتها في بعض الولايات كما في استخلاف القاضي غيره في أعمال القضاء إذا جعل له حق الاستخلاف فقط إذ يكون المستخلف نائبا لا وكيلا عن القاضي ولذا لا يملك القاضي عزله إذا لم يجعل له حق العزل ولا ينعزل كذلك بموت القاضي الذي استنابه (٣) راجع مصطلح وكالة.

[الإنابة والتفويض]

التفويض هو التوكيل مع ترك الأمر الموكل فيه لإرادة الوكيل ومشيئته دون تقييده بإرادة الموكل عند مباشرته لما فوض إليه فيه إلا أن يصدر من الموكل ما يفيده في عمله بإرادة الموكل وعند ذلك ينتهى بهذا التقيد التفويض الذي أعطى له من قبل وعلى هذا فالتفويض هو التوكيل على صورة عامة مطلقة وإذن يكون أخص من التوكيل وعلى هذه الصورة كثر استعماله في كتب الفقه الإسلامي فهو توكيل مطلق عام في أمر معين من الأمور فإذا قيل إنه قد فوض إلى فلان في هذا الأمر كان معنى ذلك أنه ترك وإرادته في مباشرة هذا الأمر ومن ثم جاز له أن ينيب فيه غيره وإن لم يؤذن بالإنابة فيه صراحة وجاز له إذا أتاب غيره أن يعزله وإن لم يؤذن في ذلك بخلاف الوكيل إذ لا يوكل غيره ولا ينيب إلا بإذن أو تفويض وعلى هذا المعنى كانت الإنابة أعم من


(١) القاموس المحيط.
(٢) تاج العروس جـ ٤ طبعة الكويت.
(٣) ابن عابدين جـ ٤ كتاب القضاء.