للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منعه الطعام والشراب. ولنا أنه لم يهلكه ولم يكن سببا فى هلاكه فلم يضمنه كما لو لم يعلم بحاله، وقياس هذا على المسألة الاولى غير صحيح لانه فى المسألة الأولى منعه منعا كان سببا فى هلاكه فضمنه بفعله الذى به. وههنا لم يفعل شيئا يكون سببا (١).

[مذهب الظاهرية]

يقول ابن حزم فى رجل استسقى قوما فلم يسقوه حتى مات، القول فى هذا عندنا وبالله التوفيق هو أن الذين لم يسقوه ان كانوا يعلمون أنه لا ماء له البتة الا عندهم ولا يمكنه ادراكه أصلا حتى يموت فهم قتلوه عمدا وعليهم القود بأن يمنعوا الماء حتى يموتوا - كثروا أو قلوا - ولا يدخل فى ذلك من لم يعلم بأمره، ولا من لم يمكنه أن يسقيه، فان كانوا لا يعلمون ويقدرون أنه سيدرك الماء فهم قتلة خطأ وعليهم الكفارة، وعلى عواقلهم الدية ولابد. برهان ذلك قول الله تعالى:

«وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ» وقوله تعالى:

«فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ» وقوله تعالى:

«وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ» وبيقين يدرى كل مسلم فى العالم أن من استسقاه مسلم وهو قادر على أن يسقيه فتعمد ألا يسقيه الى أن مات عطشا فانه اعتدى عليه فواجب بنص القرآن أن يعتدى على المعتدى بمثل ما اعتدى به فصح قولنا بيقين لا اشكال فيه. وأما اذا لم يعلم بذلك فقد قتله اذ منعه ما لا حياة له الا به فهو قاتل خطأ فعليه ما على قاتل الخطأ وهكذا القول فى الجائع والعارى ولا فرق وكل ذلك عدوان.

وليس هذا كمن اتبعه سبع فلم يؤوه حتى أكله السبع، لأن السبع هو القاتل له ولم يمت فى جنايتهم ولا مما تولد من جنايتهم. ولكن لو تركوه فأخذه السبع وهم قادرون على انقاذه فهم قتلة عمد، اذا لم يمت من شئ الا من فعلهم (٢).

[مذهب الزيدية]

جاء فى البحر الزخار: وعلينا سد رمق المضطر لقوله صلّى الله عليه وسلّم أيما رجل مات جوعا فى محلة قوم سألهم الله بدمه يوم القيامة، وكذلك انقاذ من حرق وغرق، فان وجد العوض لم يجب الا ببذله، الا أن يضعف المضطر عن مناولته فانه يجب (٣).

[مذهب الإمامية]

جاء فى مفتاح الكرامة «لو اضطر


(١) المغنى ج ٩ ص ٥٨٠ - ٥٨١.
(٢) المحلى ج ١٠ ص ٥٢٢ - ٥٢٣.
(٣) البحر الزخار ج ٤ ص ٣٣٢.