الحديث، ثم ساق مسلم أحاديث أخرى بأسانيد مختلفة كلها تدل على أن الاسلام عبارة عن عقيدة وانقياد وخضوع لما أمر به الله سبحانه وتعالى على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم من عمل يتقرب به اليه وينال به رضاه ويقرب صاحبه من الجنة.
وكان استعمال اسم الاسلام فيما ذكرنا من المعانى التى تتمثل فى الانقياد والخضوع والاخلاص لله تعالى والدخول فى الاسلام ظاهرا، وذلك باتخاذه دينا وملة استعمالا عربيا عرفه أصحاب اللغة واستعملوا اسم الاسلام فيه قبل تدوين العلوم ووضع مصطلحاتها.
وكان فيما ذكرنا ما يكفى فى التعريف بالاسلام لغة.
ولم يكن استعمال القرآن والسنة لاسم الاسلام فيما استعمل فيه من المعانى التى جاء بها القرآن ووردت بها السنة استعمالا غير عربى أو دخيلا عليها، فالقرآن انما نزل بلغة العرب بل بأفصح لغاتهم، وما كانت السنة الا حديثا لأفصح العرب لسانا وأقومهم بيانا هو رسول الله صلّى الله عليه وسلم نقله عنه أصحابه رضوان الله عليهم بلفظه اذا ما حفظوه، وما كان أيسر ذلك عليهم، فان رووه عنه بمعناه فقد صاغوه بلغتهم، وهى العربية التى بها ينطقون ويتفاهمون، ومن هذا يبين أن استعمال القرآن والسنة لاسم الاسلام استعمال عربى لغوى خالص.
[الاستعمال الاصطلاحى]
وحين دونت العلوم الشرعية وظهرت مصطلحاتها وتبلورت كان من أثر ذلك تطور فى معانى بعض الأسماء الشرعية، يتسم تارة بالتوسع فيها، وتارة بالتحديد وضبط مدلولاتها، وتارة أخرى بتقييد ما كان منها مطلقا، وذلك عند بحث مسائل هذه العلوم، وبيان عناصرها وخصائصها، غير أنه كان ذلك تطورا محصورا فى دائرتها.
ولم يكن حظ اسم الاسلام من ذلك التطور الا شيوع اطلاقه وانتشار استعماله فى بعض ما كان مستعملا فيه وهو استعماله استعمال العلم (بفتح اللام) فيما جاء به محمد صلّى الله عليه وسلم من دين يقوم على عنصرى الايمان والعمل وان شئت قلت العقيدة وشريعة المعاملة، وكان اسم الاسلام بناء على هذا الاستعمال وهذا الاعتبار دالا على الايمان والتصديق والعمل والخضوع.
ولا يكون المسلم مسلما بناء على هذا الاصطلاح الا اذا آمن بقلبه وعمل بما أمره به ربه.
ولسنا نريد بذلك أنه لم يستعمل فى عصر العلوم وفى مجالها فيما كان