للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القضاء على القاضى، والأخذ بظاهر الرواية أحوط‍ (١).

[مذهب المالكية]

أما المالكية: فعلى أن الصوم يعم سائر البلاد قريبا أو بعيدا، ولا يراعى فى ذلك مسافة قصر ولا اتفاق المطالع ولا عدمها، فيجب الصوم على كل منقول اليه ان نقل ثبوته بالعدلين أو بالمستفيضة (٢).

[مذهب الشافعية]

والشافعية: يفصلون فاذا رؤى الهلال ببلد لزم حكمه البلد القريب منه قطعا كبغداد والكوفة. لانهما كبلدة واحدة كما فى حاضرى المسجد الحرام، دون البعيد فى الأصح كالحجاز والعراق والثانى فى البعيد أيضا، والبعيد مسافة القصر وصححه النووى فى شرحه مسلم لتعليق الشرع بها كثيرا من الأحكام، وقيل البعيد باختلاف المطالع. قلت: هذا أصح اذ أمر الهلال لا تعلق له بمسافة القصر.

ولما روى مسلم عن كريب «الحديث الوارد فى مذهب الأحناف» وقياسا على طلوع الفجر والشمس وغروبها ولأن المناظر تختلف باختلاف المطالع والعروض. أى خطوط‍ الطول والعرض فكان اعتبارها أولى ولو شك فى اتفاقها فهو كاختلافها لأن الاصل عدم وجوبه، ولأنه انما يجب بالرؤية ولم يثبت فى حق هؤلاء لعدم ثبوت قربهم من بلد الرؤية، نعم لو بان الاتفاق لزمهم القضاء، والأوجه أن اختلاف المطالع تحديدية أى محددة بنقطة معينة. ونبه السبكى على أنها اذا اختلفت لزم من رؤيته بالبلد الشرقى رؤيته بالبلد الغربى من غير عكس. وتبعه الأسنوى وغيره أى حيث اتحدت الجهة والعرض واذا لم يوجب على أهل البلد الآخر وهو البعيد، فسار اليه من بلد الرؤية من صام به فالاصح أن يوافقهم حتما فى الصوم آخرا وان كان قد أتم ثلاثين لانه بالانتقال اليهم صار منهم، والثانى يفطر لأنه لزم حكم البلد الأول فيستمر عليه، ومن سافر من البلد الآخر الذى لم ير فيه الى بلد الرؤية عيد معهم حتما لما مر، سواء أصام ثمانية وعشرين بأن كان رمضان ناقصا عندهم فوقع عيده معهم فى التاسع والعشرين من صومه أم تسعة وعشرين بأن كان رمضان تاما عندهم وقضى يوما ان صام ثمانية وعشرين اذ الشهر لا يكون كذلك (٣).

[مذهب الحنابلة]

عدم اعتبار اختلاف المطالع عند رؤية بلد من البلاد للهلال وقالوا، يثبت هلال الصوم بقول عدل، وعنه (أى الامام أحمد ابن حنبل) يفتقر الى عدلين كبقية الشهور، ورؤية بعض البلاد رؤية لجميعها (٤).

وجاء فى المغنى لابن قدامة: ولنا قول الله تعالى {(فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)} وقول النبى صلى الله عليه وسلم للأعرابى


(١) تبيين الحقائق للزيلعى ح‍ ١ ص ٣١٦، ص ٣١٧ الطبعة الاولى المطبعة الكبرى الاميرية ببولاق سنة ١٣١٣ هـ‍.
(٢) حاشية الدسوقى على الشرح الكبير للشيخ محمد عرفة ح‍ ١ ص ٥١٠ طبع بدار احياء الكتب العربية عيسى البابى الحلبى وشركاه.
(٣) نهاية المحتاج الى شرح المنهاج للرملى مع حاشية الشبراملسى ح‍ ٣ ص ١٥٣، ص ١٥٤ طبع مطبعة مصطفى البابى الحلبى واولاده بمصر سنة ١٣٥٧ هـ‍.
(٤) المحرر فى الفقه لمجد الدين ابى البرقات مع النكت والفوائد السنية على مشكل المحرر ح‍ ١ ص ٢٢٨ مطبعة السنة المحمدية سنة ١٣٦٩ هـ‍.