للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكريم ولا يجوز لأحد من الزوجين أو من غيرهما اسقاطها لأنها حق الله تعالى. وأن السكنى فى مسكن العدة واجب شرعا على المطلقة رجعيا والمتوفى عنها زوجها ولا يجوز لواحدة منهما الخروج من هذا المسكن والاعتداد فى مكان آخر ولا اسقاط‍ الاعتداد فيه لحق الله تعالى لقوله تعالى: «لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}.

وأما المطلقة بائنا - فان كانت حاملا وجبت لها السكنى شرعا باتفاق أهل العلم - وان لم تكن حاملا فلا تجب لها السكنى .. وفى الحالين لا يتعين الموضع الذى تسكنه بل يتخير الزوج بين اقرارها فى الموضع الذى طلقها فيه وبين نقلها الى مسكن مثلها. والمستحب اقرارها فى المسكن الذى طلقها فيه لقوله تعالى:

«لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ» ولأن فيه خروجا من الخلاف لأن الذين يوجبون لها السكنى يرون وجوب الاعتداد عليها فى منزل العدة وهو الذى وقعت فيه الفرقة.

[مذهب الظاهرية]

جاء فى المحلى لابن حزم الظاهرى (١):

وتعتد المتوفى عنها زوجها والمطلقة ثلاثا أو آخر ثلاث والمعتقة تختار فراق

زوجها حيث أحببن ولا سكنى لهن لا على المطلق ولا على ورثة الميت ولا على الذى اختارت فراقه ولا نفقة لهن ولهن ان يحججن فى عدتهن وان يرحلن حيث شئن ..

وأما كل مطلقة يحق للذى طلقها أن يراجعها ما دامت فى العدة شرعا فلا يحل لها الخروج من بيتها الذى كانت فيه اذا طلقها ولها عليه النفقة والكسوة فان كان خوف شديد أو لزمها حد فلها أن تخرج حينئذ والا فلا أصلا لا ليلا ولا نهارا البتة الا لضرورة لا حيلة فيها.

برهان ذلك قول الله عز وجل: {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً. فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ»}.

فهذه صفة الطلاق الرجعى لا صفة الطلاق البات وأما الطلاق البات فلحديث فاطمة بنت قيس عن الشعبى قال: دخلت على فاطمة بنت قيس فسألتها عن قضاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عليها. فقالت:

طلقها زوجها البتة. قالت: فخاصمته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى السكنى والنفقة فلم يجعل لى سكنى ولا نفقة وأمرنى أن أعتد فى بيت ابن أم مكتوم.

وهذا ظاهر فى أن الامام ابن حزم الظاهرى: يرى أن السكنى فى مسكن


(١) المحلى لابن حزم الظاهرى ج ١٠ ص ٢٨٢ وما بعدها مسألة رقم ٢٠٠٤.