الحاكم معدوما رجعت على الزوج. وان كان الحاكم موجودا. فهل ترجع؟ على روايتين.
وان كان الزوج حاضرا ولم يمنعها من المسكن فاكترت لنفسها موضعا أو سكنت فى موضع تملكه لم ترجع بالأجره لأنها تبرعت بذلك فلم ترجع به على أحد.
وان عجز الزوج عن اسكانها لعسرته أو غيبته أو امتنع من ذلك مع قدرته سكنت حيث شاءت وكذلك المتوفى عنها زوجها اذا لم يسكنها ورثته لأنه انما تلزمها السكنى فى منزله لتحصين مائه فاذا لم تفعل لم يلزمها ذلك.
وجاء فى كشاف القناع (١): وتعتد بائن حيث شاءت من بلدها فى مكان مأمون. ولا يجب عليها العدة فى منزله لما روت فاطمة بنت قيس أن أبا عمرو ابن حفص طلقها البتة وهو غائب فأرسل اليها بشئ فسخطته. فجاءت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فذكرت ذلك له فقال لها: ليس لك عليه نفقة ولا سكنى وأمرها أن تعتد فى بيت أم مكتوم … والمستحب اقرارها بمسكنها لقوله تعالى: «لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ»}.
ولا تسافر قبل انقضاء عدتها لما
فيه من التبرج والتعرض للزينة.
ولا تبيت الا فى منزلها أى المكان المأمون الذى شاءته وجوبا لما تقدم ..
فلو كانت دار المطلق متسعة لهما وأمكنها السكنى فى موضع منفرد كالحجرة وعلو الدار وبينهما باب يغلق وسكن الزوج فى الباقى جاز لأنه لا محظور فيه ..
ولو غاب من لزمته السكنى لها أى لزوجته أو مطلقته الرجعية أو البائن الحامل ونحوها أو منعها من السكنى الواجبة عليه - اكتراه الحاكم من ماله ان وجد له مالا أو اقترض عليه ما تسكن به ان لم يجد له مالا لقيامه مقام الغائب والممتنع أو فرض الحاكم أجر ما وجب على الغائب من المسكن لتأخذ منه اذا حضر نظير ما فرضه - وان أكترت مسكنا باذنه أو باذن الحاكم أو بدون اذن منهما للعجز عن الاذن - رجعت على من وجبت عليه السكنى بنظير ما أكترت … ولو سكنت ملكها مع غيبته أو امتناعه فلها أجرته ..
وحكم الرجعية فى العدة حكم المتوفى عنها زوجها فى لزوم المنزل لقوله تعالى «لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ» وسواء أذن لها الزوج فى الخروج أو لم يأذن، لأن ذلك من حقوق العدة - وهى حق الله تعالى فلا يملك الزوج اسقاط شئ من حقوقها كما لا يملك اسقاطها.
وظاهر مما ذكر أن الحنابلة يرون أن العدة واجبة شرعا بنص الكتاب
(١) كشاف القناع ج ٣ ص ٢٧٦ وما بعدها الطبعة السابقة.