للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفيه أيضا لو سقى رجل أرضه فتوحل فيها ظبى وخرج عن امتناعه ملكه صاحب الأرض لأنه يعد حائزا له حينئذ ولوجود الفعل منه ولو كان ذلك نتيجة لتنفيره فالأقرب أنه لمالك الأرض لا لمن نفره.

ومثل ذلك فى الحكم الطير يدخل دار رجل لا يأخذه الا بمحاولة ولا يمكنه أن يطير الا فى الدار ولا يؤخذ الا بمشقة فانه يكون له ولو كانت الأرض مستأجرة فالطير للمستأجر (١).

[مذهب الإباضية]

ويرى الإباضية أن المال المباح يملك بالاستيلاء عليه باليد أو بواسطة آلة من الآلات كالشباك أو الحبالة أو الحفر تحفر لذلك فان انفلت المتعلق فى الشبكة أو خرج الواقع فى الحفرة انتقض ملكه وما أخذ باليد ففر بعد ذلك لم يكن لغيره أن يتملكه بأخذه وعليه أن يرده اذا أخذه وكذلك يملكه صاحب البيت اذا دخله حيوان فأغلق بابه عليه ولا يكون لغيره أن يتملكه بعد ذلك فان لم يغلق الباب عليه لم يملكه ولا ينتقض ملك ما يسقط‍ من شبكة الصياد أو وعائه بعد امساكه بخلاف شبكة الأرض اذا انفلت ما فيها قبل امساك الصائد له واذا نفر السمك فوقعت سمكة فى سفينة مارة فهى لآخذها.

وقيل هى لصاحب السفينة لأن سفينته قد حبستها ولا تطيق الخروج منها لفراقها الماء وان أطاقت الوثوب فهى لمن أخذها (٢).

وخلاصة ما سبق أن الاستيلاء على المباح كسبب لتملكه يمتاز عن سائر أسباب التمليك بثلاثة أمور:

الأول: أنه سبب منشئ للملكية بخلاف غيره من الأسباب الشرعية فانه ناقلة لها لا منشئة ولا خلاف فى ذلك.

الثانى: أنه خاص بالأموال المباحة فلا يفيد ملكا فى الأموال المملوكة عقارا كانت أم منقولا ولو طالت مدة الحيازة فيه.

وبناء على ذلك لا يتملك مال مملوك بوضع اليد عليه وان تقادم عهده كما لا يسقط‍ حق بتركه وان طالت مدة الترك وذلك خلافا لما جرى عليه التشريع الوضعى فانه يجعل وضع اليد على المال المملوك مدة معينة تختلف باختلاف الأحوال سببا من أسباب تملكه متى تحققت به حيازة هذا المال حيازة استأثر فيها بمنافعه وبالتصرف فيه.

وبعبارة أخرى متى تحققت به حيازة هذا المال حيازة فعلية مقرونة بنية التملك له كما جعل مضى مدة معينة على الحق


(١) شرح الأزهار وحاشيته ج ٤ ص ٧٨، ص ٧٩.
(٢) شرح النيل ج ٣ ص ٥٧١، ٥٧٤، ٥٧٦