للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحد الشهرين: الأداء أو القضاء، بل يتعين الأداء للتحريم والقضاء للوجوب إن بقى مستجمع الشرائط‍ سالم الموانع فى زمان القضاء، فإن أقدم وصام وفعل المحرم فهل يجزئ عنه؟

قال الغزالى فى المستصفى: يحتمل عدم الأجزاء لأن المحرم لا يجزئ عن الواجب ويحتمل الإجزاء كالصلاة فى الدار المغصوبة فإنه متقرب إلى الله تعالى بترك شهوتى فمه وفرجه جان على نفسه كما أن المصلى فى الدار المغصوبة متقرب إلى الله بركوعه وسجوده وتعظيمه وإجلاله، جان على صاحب الدار، وهو تخريج حسن (١).

ويقول الآمدى فى الإحكام عن الصلاة فى الدار المغصوبة التى وقع التنظير بها فى هذا الموضوع: إن إجماع سلف الأمة وهلم جرا منعقد على الكف عن أمر الظلمة بقضاء الصلوات المؤداة فى الدور المغصوبة مع كثرة وقوع ذلك منهم ولو لم تكن صحيحة مع وجوبها عليهم لبقى الوجوب مستمرا وامتنع على الأمة عدم الإنكار عادة وهو لازم على المعتزلة وأحمد بن حنبل وأهل الظاهر والزيدية الذين يقولون:

إن الصلاة فى الدار المغصوبة غير واجبة ولا صحيحة ولا يسقط‍ بها الفرض (٢).

قد يجزئ الفعل الواحد

عن واجب ومندوب

ومن ذلك أن تحية المسجد بصلاة ركعتين عند دخوله سنة.

[مذهب الحنفية]

ويقول الحنفية: إن آداء الفرض ينوب عنها بلا نية (٣).

ونقل ابن عابدين عن الحلية أنه لو اشتغل داخل المسجد بالفريضة غير ناو للتحية قامت تلك الفريضة مقام التحية لحصول تعظيم المسجد (٤).

ومن ذلك أيضا أنه يكفى عند الحنفية غسل واحد لعيد وجمعة اجتمعا مع جنابة وقد علق ابن عابدين على هذا بقوله: وكذا لو كان معهما كسوف واستسقاء وهذا كله إذا نوى ذلك ليحصل له ثواب الكل (٥).

[مذهب المالكية]

ومثله قول المالكية: إذا نوى المكلف بالغسل رفع الجنابة والغسل المندوب للجمعة حصلا معا، وكذا لو نوى نيابة غسل الجنابة عن النفل بخلاف ما لو نوى نيابة النفل عن الجنابة فلا تكفى عن واحد منهما (٦).

[مذهب الشافعية]

وقول الشافعية: إن نوى بغسله غسل الجنابة والجمعة حصلا جميعا على الصحيح (٧).


(١) الفروق للقرافى ج‍ ١ ص ٢٣.
(٢) الإحكام للآمدى ج‍ ١ ص ١٦٣، ١٦٧ الطبعة السابقة.
(٣) تنوير الأبصار ج‍ ١ ص ٦٣٥.
(٤) ابن عابدين ج‍ ١ ص ٦٣٥.
(٥) تنوير الأبصار وشرحه، وابن عابدين عليه ج‍ ١ ص ١٥٧.
(٦) الشرح الصغير ج‍ ١ ص ٥٦.
(٧) الأشباه والنظائر للسيوطى ص ٢٢ المطبوع بمطبعة الحلبى سنة ١٣٧٨ هـ‍ - سنة ١٩٥٩ م.