للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلا يقول: له على مائة الا عشرة أو ألف الا مائة.

احتج القائلون بصحة استثناء الأكثر والمساوى - بقوله تعالى: «إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلاّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ ١» وقوله تعالى: «لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاّ عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ٢» فقد استثنى فى الآية الأولى الغاوين من العباد المؤمنين واستثنى فى الآية الثانية العباد المخلصين من الغاوين فان كان الفريقان متساويين فى الواقع فقد استثنى المساوى وان كان الغاوون أكثر فقد استثناهم فى الآية الأولى وان كان المؤمنون المخلصون أكثر، فقد استثناهم فى الآية الثانية فكان استثناء الاكثر على الاحتمالين وواقع الامر أن الغاوين أكثر بدليل قوله تعالى:

«وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ» (٣) وقوله تعالى: «وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ» (٤) وقوله تعالى: «وَما أَكْثَرُ النّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ» (٥).

واحتجوا أيضا بقوله تعالى: «يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلاّ قَلِيلاً، نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً .. » (٦) فقد استثنى النصف وهو استثناء المساوى وأيضا فانه لو قال له على عشرة دراهم الا خمسة. أو الا تسعة لزمه فى الأول خمسة دراهم وفى الثانى درهم واحد وهو الباقى بعد الاستثناء فيهما، وهذا باتفاق الفقهاء ولولا صحة الاستثناء لما كان كذلك.

واحتج القائلون بامتناع استثناء الأكثر والمساوى بأن الاستثناء خلاف الأصل لانه انكار بعد اقرار وجحد بعد اعتراف وانما جوز فى استثناء الأقل لمعنى فيه وهو أن المقر قد يكون وفىّ بعض ما عليه ونسيه لقلته وعند اقراره تذكره فاستثناه فلو لم يصح استثناؤه لتضرر. ولا كذلك فى الاكثر والنصف لأنه قلما ينساه.

وأيضا فان استثناء غير الأقل مستقبح والمستقبح فى لغة العرب لا يكون منها.

وأجيب عن الاول بأن الاستثناء ليس على خلاف الأصل والا لامتنع فى الاقل أيضا، والصدق ورفع الضرر حاصل فى الكل وعن الثانى بأن الاستقباح لا يمنع من الصحة (٧).

الشرط‍ الرابع: أن يلى الكلام بلا عاطف، فان وليه بحرف عطف كقوله: له على عشرة والا خمسة كان لغوا ولا تأثير له وحكى الاسفرايينى الاتفاق على ذلك.

[الاستثناء المتصل والمنقطع]

يطلق لفظ‍ الاستثناء على فعل المتكلم وهو المعنى المصدرى، وعلى المستثنى،


(١) الآية رقم ٤٢ من سورة الحجر.
(٢) الآية رقم ٨٢، ٨٣ من سورة ص.
(٣) الآية رقم ١٣ من سورة سبأ.
(٤) الآية رقم ١٧ من سورة الاعراف.
(٥) الآية رقم ١٠٣ من سورة يوسف.
(٦) الآية رقم ١، ٢ من سورة المزمل.
(٧) مسلم الثبوت فى الموضع نفسه والاحكام للامدى ج‍ ٢ ص ٤٣٣، ٤٣٨ والمستصفى ج‍ ٢ ص ١٧٠، ١٧٣ الطبعات السابقة.