للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأحكام: «وأما استثناء الدراهم من الدنانير وبالعكس فهو محل النزاع عند القائلين بعدم صحة الاستثناء من غير الجنس، وأن تكلف بيان صحة الاستثناء من جهة اشتراكهما فى النقدية وجوهر الثمنية آيل الى الاستثناء من الجنس (١)».

الشرط‍ الثالث من شروط‍ صحة الاستثناء ألا يكون مستغرقا للمستثنى منه فلو قال:

له على عشرة ألا عشرة كان الاستثناء باطلا ولزمته العشرة كلها لأنه يكون رفعا للاقرار بعد حصوله ورجوعا عنه بعد تحققه وهو غير جائز فى حقوق العباد، ولأن الاستثناء تكلم بالباقى بعد الثنيا، وليس فى هذا باق يتكلم به .. وهذا باتفاق الاصوليين والفقهاء.

غير أن الحنفية قيدوا بطلان الاستثناء المستغرق بما اذا كان الاستثناء بلفظ‍ الصدر نحو عبيدى أحرار الا عبيدى وزوجاتى طوالق الا زوجاتى أو بلفظ‍ يساوى لفظ‍ الصدر فى المفهوم نحو عبيدى أحرار الا مما ليكى أو زوجاتى طوالق الا نسائى أما اذا كان الاستثناء بلفظ‍ غير مماثل للفظ‍ الصدر ولا مساو له فى المفهوم فان الاستثناء يجوز ويكون صحيحا ولو كان مساويا له فى الما صدق والتناول بحسب الواقع. نحو نسائى طوالق الا زينب وعائشة وليلى، وليس له زوجات سوى هؤلاء المستثنيات وأوصيت لفلان بثلث مالى الا ألف درهم وثلث ماله فى الواقع ألف درهم .. ولأنه يكفى لصحة الاستثناء عندهم ابهام بقاء افراد تحت لفظ‍ المستثنى منه بحسب الصورة لأن الاستثناء تصرف لفظى لا يؤثر فى صحته اهمال المعنى.

أما غير الحنفية فقد منعوا الاستثناء المستغرق ولو كان بلفظ‍ غير مماثل ولا مساو فى المفهوم.

وفى مسلم الثبوت: الاستثناء المستغرق باطل. قيل اتفاقا. والحق ان الاتفاق فيما اذا كان الاستثناء بلفظ‍ الصدر نحو عبيدى أحرار الا عبيدى أو بلفظ‍ يساويه فى المفهوم نحو عبيدى أحرار الا مماليكى، أما بغيره كعبيدى أحرار الا هؤلاء أو الا سالما وغانما وراشدا وهم الكل من العبيد فعند الحنفية لا يمتنع لاكتفائهم بالأفراد (٢) الممكنة، واختلف العلماء فى استثناء الاكثر نحوله على عشرة الا تسعة واستثناء المساوى أى النصف نحوله على عشرة الا خمسة فذهب الأكثرون من الأصوليين والفقهاء والمتكلمين الى الجواز فيهما. وذهب الحنابلة والقاضى أبو بكر الباقلانى من الشافعية الى المنع فيهما .. وذهب الفراء وابن درستويه الى المنع فى الاكثر خاصة .. ونقل عن بعض أهل اللغة استقباح استثناء عقد صحيح


(١) الامدى ج‍ ٢ ص ٤٣٢ من الاحكام الطبعة السابقة.
(٢) مسلم الثبوت ج‍ ١ ص ٣٢٣، ٣٢٤ الطبعة السابقة.