للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذهب المالكية]

جاء فى شرح الخرشى: أن المسلم لا يقاتل المشرك حتى يدعوه الى دين الله جملة من غير تفصيل الشرائع الا أن يسأل عنها فتبين له الدعوة واجبه سواء بعدت دار الكافر عن دار الاسلام أم لا، بلغته الدعوة أم لا.

وأقل الدعوة ثلاثة أيام متوالية كالمرتد، ثم ان أبوا من قبول الاسلام دعوا الى أداء الجزية اجمالا الا أن يسألوا عن تفصيلها.

ومحل الدعوة ما لم يعاجلونا بالقتل والا قوتلوا من غير دعوة لأنها حينئذ حرام.

هذا ولا يدعى المشرك الى الاسلام أو الجزية الا فى محل آمن ولا يكف عنهم اذا أجابوا للاسلام أو الجزية الا ان يكون بمحل يؤمن غولهم وان لم يجيبوا للجزية أو أجابوا لها ولكنهم بمحل لا تنالهم أحكامنا فيه قوتلوا، أى أخذ فى قتالهم واذا قدر عليهم جاز قتلهم الا من نهى عن قتالهم، ومن قتل أحدا ممن لم تبلغه دعوة نبينا صلى الله عليه وسلم قبل أن يدعوه الى الاسلام أو الجزية فانه لا شئ عليه غير التوبة ولو فى غير جهاد (١).

وللامام أن يهادن لمصلحة ويلزمنا أن نوفى لهم بما اشترطوا علينا فى تلك المدة الا أن يستشعر الامام منهم الخيانة فانه يجب عليه أن ينبذ عهدهم فيطرحه وينقضه وينذرهم ويعلمهم بأن لا عهد لهم وانه مقاتلهم (٢).

[مذهب الشافعية]

جاء فى نهاية المحتاج: أن عقد الهدنة لمصلحة يجوز من الامام أو نائبه ويجب علينا أن نكف عنهم أذانا أو أذى أهل الذمة الذين ببلادنا فيما يظهر بخلاف أذى أهل الحرب وبعض أهل الهدنة فان خاف الامام أو نائبه خيانتهم بشئ مما ينقض اظهاره بأن ظهرت أمارة بذلك فله أن ينبذ عهدهم اليهم لقول الله عز وجل:

«وَإِمّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ ٣» فان لم تظهر أمارة حرم النقض لأن عقدها لازم وبعد النبذ ينتقض عهدهم لا بنفس الخوف وبعد النقض واستيفاء ما وجب عليهم من الحقوق يبلغهم مأمنهم حتما وفاء بعهدهم ولا ينبذ عقد الذمة بتهمة لأنه تأكد لتأييده، ومقابلته بمال ولأنهم فى قبضتنا غالبا (٤).

وجاء فى المهذب أن العدو ان كان ممن لم تبلغهم الدعوة لم يجز قتالهم حتى يدعوهم الى الاسلام لأنه لا يلزمهم الاسلام قبل العلم والدليل على ذلك قول الله عز وجل:

«وَما كُنّا مُعَذِّبِينَ حَتّى نَبْعَثَ رَسُولاً ٥».

ولا يجوز قتالهم على ما لا يلزمهم وان بلغتهم الدعوة فالأحب أن يعرض عليهم الاسلام لما روى سهل بن سعد رضى الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلى كرم الله وجهه يوم خيبر: اذا نزلت بساحتهم فادعهم الى الاسلام وأخبرهم بما يجب عليهم فو الله لأن يهدى الله بهداك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم.

وان قاتلهم من غير أن يعرض عليهم الاسلام جاز لما روى نافع رضى الله تعالى عنه قال:

أغار رسول الله صلى الله عليه وسلم على بنى المصطلق وهم غارون وروى وهم غافلون. فان كانوا ممن لا يجوز اقرارهم على الكفر بالجزية قاتلهم الى أن يسلموا لقول النبى صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا اله


(١) شرح الخرشى ج‍ ٣ ص ١١٢ - ١١٣ الطبعة المتقدمة.
(٢) المرجع السابق للخرشى ج‍ ٣ ص ١٥٠ - ١٥١ الطبعة المتقدمة.
(٣) الآية رقم ٥٨ من سورة الأنفال.
(٤) نهاية المحتاج شرح ألفاظ‍ المنهاج للرملى ج‍ ٨ ص ١٠٢ - ١٠٣ الطبعة المتقدمة.
(٥) الآية رقم ١٥ من سورة الاسراء.