للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم يقول ابن القيم (١): «من أقبح الظلم أن يلزم الناس إلا يبيعوا الطعام أو غيره من الأصناف إلا ناس معروفون، فلا تباع تلك السلع إلا لهم، ثم يبيعونها هم بما يريدون، فلو باع غيرهم ذلك منعوه، وهذا يمكن تسميته احتكار الصنف».

ثم قال: إن هذا من البغى والفساد، فيجب التسعير عليهم، ومن هنا ذهب كثير من الفقهاء إلى القول بأن من حق الإمام، بل من واجبه أن يسعر السلع وأن يمنع الناس أن يبيعوا إلا بقيمة المثل ولا يشتروا إلا بها بلا تردد فى ذلك عند أحد من العلماء (انظر: تسعير).

[مذهب الظاهرية]

يقول ابن حزم الظاهرى: يمنع المحتكر من الاحتكار، وروى بسنده إلى على أنه أحرق طعاما أحتكر بمائة ألف، كما روى عن عبد الرحمن بن قيس قال: أحرق لى على بن أبى طالب بيادر بالسواد كنت احتكرتها، لو تركها لربحت فيها مثل عطاء الكوفة. (والبيدر: الموضع الذى تدرس فيه الحبوب، والمراد: ما فى تلك الأماكن من الحبوب).

[مذهب الزيدية]

وصرح الزيدية بأن المحتكر يجبر على بيع ما احتكره ولا يباع عنه إلا إذا تمرد فيبيعه الحاكم ويعزره لعصيانه.

[مذهب الإمامية]

أما الشيعة الجعفرية فيقولون: يجب بيع الطعام المحتكر.

ويقول صاحب اللمعة الدمشقية (٢): أن الطعام المحتكر لو لم يوجد غيره وجب البيع ويسعر أن أجحف فى الثمن.

[مذهب الإباضية]

وينص الإباضية على أنه لا يترك المحتكر يبيع بأكثر مما اشترى وإنما يجبر على البيع كما اشترى، وقيل إن أخذ منه حين الفراغ من العقد قبل الانتظار أجبر على البيع ولو بربح، وان قبض عليه بعد الانتظار أجبر أن يبيع بمثل ما اشترى وقد يمنع من الربح مطلقا لسوء نيته.

وروى عن جابر أن من أحتكر طعاما على الناس وأبى أن يبيع إلا على حكمه وهو غال ينزع منه.

ثم قال صاحب النيل (٣): ولا يجبر المحتكر على البيع إن خرج من ملكه بوجه أورده لنفقته أو تغير عن حاله مثل أن يكون حبا فيطحنه أو دقيقا فيخبزه.

ثم قال: وإن مات المحتكر لم يجبر وارثه ولا يجبر من دخله ملكه بوجه.


(١) الطرق الحكمية فى السياسة الشرعية ص ٢٢٦.
(٢) الروضة البهية شرح اللمعة ج‍ ١ ص ٢٩٣.
(٣) شرح النيل ج‍ ٤ ص ١٠٤، ١٠٥.