للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مطلق بل هو صلة واجبة، ولذا يسقط‍ بالموت بالاتفاق وقال الخصاف: القول قول من عليه الدين فى كل ذلك لأن الاصل هو العسرة فى حق كل إنسان لأنه خلق عديم المال. وروى أيضا: أن القول للمديون الا فيما بدله ماله كالقرض والثمن.

والاول هو المعتمد. (١)

[مذهب المالكية]

يثبت افلاس المديون المجهول الحال أو ظاهر اليسار ان ادعى الافلاس وكذبه الدائن أمام القاضى بالآتى: أولا: بشهادة عدلين فأكثر عند القاضى ولو قبل حبسه، ويقول الشهود فى شهادتهم: انه لا يعرف له مال ظاهر ولا باطن ثم يحلف بعد ذلك مدعى الافلاس وجوبا على طبق شهادة الشهود أنه لا يعلم له مالا ظاهرا ولا باطنا ويستحب أن يزيد فى يمينه وان وجد مالا ليقضين الدائنين حقهم، وفائدة هذه الزيادة تظهر فى المستقبل اذا ادعى الدائن على المفلس انه استفاد ما لا ولم يأت ببنية فلا يمين عليه لتقدم هذه اليمين، ولولاها لحلفه كما يستحب أن يزيد فيه أيضا، وليؤدين الدين عاجلا ويمين المديون هذه من تمام النصاب عند ابن رشد بمعنى أنه يتوقف عليها ثبوت افلاسه قضاء. وقال اللخمى: هى يمين استظهار لا يتوقف عليها ثبوت افلاسه، وهو المشهور. والمذهب عند ابن رشد أنه يحلف على البت بأن يقول: ليس عندى مال ظاهر ولا باطن، وعليه اقتصر ابن عرفة والارجح عند ابن سلمون:

هو أن يحلف على نفى العلم كما ذكره، لاحتمال أن يكون له مالا لا يعلمه بنحو ارث أو وصية وعليه اقتصر خليل فى مختصره. وهذا الخلاف فى اليمين.

أما الشهادة فهى على نفى العلم لا على البت والا بطلت اتفاقا، لاحتمال أن يكون له مال فى الواقع ولا يعلم الشاهد به. هذا فى مجهول الحال وظاهر اليسار. أما معلوم اليسار اذا ادعى الافلاس فلا تنفعه سوى البينة التى تشهد بذهاب ما بيده من مال بنحو حريق أو سلب، ولا يكفى قول البينة: لا نعرف له مالا ظاهرا ولا باطنا. ومثل معلوم اليسار فى ذلك من كان عليه دين مقسط‍ يؤدى منه شيئا فشيئا فأدى البعض وادعى الافلاس فى الباقى وكذلك من طولب بنفقة ولده بعد طلاق أمه فادعى العجز عن ذلك، لانه كان ينفق عليه وعلى أمه قبل الطلاق وهو الآن أقدر لزوال نفقة الام.

(ثانيا:) اذا ادعى المديون على الدائن أنه يعلم افلاسه وفقره وكذبة الدائن فان اليمين على الدائن لازمة، فيحلف أنه ما يعلم افلاسه المديون فان نكل عن اليمين ردت اليمين على المديون فان حلف ثبت افلاسه وحكم به. (ثالثا) اذا كان المديون مدعى الافلاس معلوم الفقر، أو كان ظاهر حاله يدل على ذلك فان ذلك يكون دليلا على افلاسه ويحكم بموجبه. (رابعا) لو شهد قوم بافلاس المديون وفقره، وشهد آخرون بيساره فان بينة اليسار تقدم ان بينت سبب يساره أى عينت ما هو موسر به بأن قالت: له مال باطن أخفاه. وسواء بينت بينة الافلاس سببه بأن قالت: ماله حرق أو غرق أم لا.

فان لم تبين بينة اليسار ما هو موسر به رجحت بينة الافلاس سواء بينة سبب الافلاس أم لا. وهذا هو الراجح. ولكن الذى به العمل تقديم بينه اليسار وان لم تبين سببه والقاعدة تقديم ما به العمل على المشهور (٢).

[مذهب الشافعية]

اذا ادعى المديون أنه مفلس أو أن ماله المعروف تلف أو قسم بين الدائنين وزعم أنه لا يملك غيره وأنكر دائنوه ذلك فان لم يعهد له مال ولزمه الدين لا فى مقابلة مال كصداق وضمان واتلاف فانه يصدق فى دعواه الافلاس بيمينه فى الاصح، لانه خلف ولا مال له والاصل بقاء ذلك. وقيل: لا يصدق


(١) فتح القدير والعناية والهداية ج ٥ ص ٤٧٢ - ٤٧٦ مطبعة مصطفى محمد سنة ١٣٥٦ هـ‍، الجوهرة واللباب للميدانى ج ١ ص ٢٤٧ الطبعة الاولى للمطبعة الخيرية سنة ١٣٢٢ هـ‍، حاشية عابدين على الدر المختار ج ٤ ص ٣٢٩ - ٣٣٢ الطبعة السابقة، الفتاوى الهندية وبهامشها الفتاوى البزازية ج ٥ ص ٦٣ - ٦٤، ٢٢٦ الطبعة السابقة.
(٢) كتاب شرح الحرج باب الافلاس ج ٥ ص ٣٠٥ وما بعدها كتاب الشرح الكبير بحاشية الدسوقى ج ٣ ص ٢٦٣ وما بعدها.