للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويصح الابراء من الدين ولو لم يقبله المدين لأنه اسقاط‍ حق فلا يتوقف على قبول كاسقاط‍ القصاص والشفعة، ويصح الابراء من الدين ولو رده المدين لأنه لو ارتد بالرد للزم وجوب الاستيفاء أو ابقاء الحق وهو ممتنع وان أبرأه ونحوه بأن وهبه أو تصدق به عليه أو تركه له بعتقد أنه لا شئ له عليه كقوله أبرأتك من مائة يعتقد عدمها ثم تبين أنه كان له عليه صحت البراءة لمصادفتها الحق (١).

[مذهب الظاهرية]

جاء فى المحلى أن من كان له عند آخر حق فى الذمة دراهم أو دنانير أو غير ذلك أو أى شئ كان فقال له: قد وهبت لك مالى عندك أو قال قد أعطيتك مالى عندك أو قال لآخر قد وهبت لك مالى عند فلان أو قال أعطيتك مالى عند فلان فلا يلزم شئ من ذلك لأنه لا يدرى ذلك الحق الذى له عند فلان فى أى جوانب الدنيا هو ولعله فى ملك غير الآن. وانما يجوز هذا بلفظ‍ الابراء أو العفو أو الاسقاط‍ أو الوضع ويجوز أيضا بلفظ‍ الصدقة للحديث الذى رويناه عن طريق مسلم باسناده عن أبى سعيد الخدرى قال أصيب رجل فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ثمار أبتاعها فكثر دينه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تصدقوا عليه فهذا عموم للغرماء وغيرهم (٢).

[مذهب الزيدية]

جاء فى البحر الزخار: أنه تصح هبة الدين لمن هو عليه اجماعا اذ صدرت من أهلها وصادفت محلها كالعين، ولا تفتقر هنا الى قبول اذ هى اسقاط‍ كالابراء.

وقال المؤيد بالله: بل تفتقر الى قبول اذ هى تمليك.

قلنا التمليك انما يتعلق بالعين ولا معنى لتمليك ما فى الذمة الا الابراء ومن ثم لم يصح الرجوع.

وتصح هبة الدين لغير من هو عليه اذ القبض غير شرط‍ ومن اشترطه منع من صحة ذلك لتعذره.

قال الامام يحيى والابراء من الدين لا يفتقر الى القبول اجماعا كالابراء من الشفعة.

قال القاسمية لكن يبطل بالرد لتضمنه معنى التمليك كهبة العين.

وقال الامام يحيى لا يبطل كالابراء من الشفعة والعيب.


(١) كشاف القناع عن متن الاقناع للشيخ منصور بن ادريس الحنبلى ج ٢ ص ٤٧٧، ص ٤٧٨ فى كتاب الطبعة السابقة.
(٢) المحلى لأبى محمد على بن أحمد بن سعيد ابن حزم الظاهرى ج ٩ ص ١١٧، ص ١١٨ مسئلة رقم ١٦٢٦ الطبعة السابقة.