للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأنه أكمل فى العدل، فان لم يفعل جاز لأن الداعى الى الاستمتاع الشهوة والمحبة ولا يمكن التسوية بينهن فى ذلك. ولهذا قال الله عز وجل: «وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ»}. (١)

قال ابن عباس رضى الله تعالى عنهما: يعنى فى الحب والجماع.

وقالت السيدة عائشة رضى الله تعالى عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم بين نسائه ويعدل، ثم يقول: اللهم هذا قسمى فيما أملك فلا تلمنى فيما تملكه ولا أملكه (٢).

ولا يجوز للمرأة أن تهب ليلتها لبعض ضرائرها الا برضا الزوج، لأن حقه ثابت فى الاستمتاع بها فلا تملك نقل هذا الحق الى غيرها من غير رضاه.

وان كان له اماء لم يكن لهن الحق فى القسم، فان بات عند بعضهن لم يلزمه أن يقضى للباقيات، لأنه لا حق لهن فى استمتاع السيد، ولهذا لا يجوز لهن مطالبته بالفيئة اذا حلف أن لا يطأهن، والمستحب ان لا يعطلهن، لأنه اذا عطلهن لم يأمن أن يفجرن (٣).

وحق الزوج فى الاستمتاع بزوجته يجعل له الحق فى منع زوجته من كل ما يفوت عليه هذا الحق فقد ذكر صاحب المهذب أن للزوج أن يمنع زوجته من الارضاع، لأنه يستحق الاستمتاع بها فى كل وقت الا فى وقت العبادة فلا يجوز لها أن تفوته عليه بالرضاع (٤).

[مذهب الحنابلة]

ذكر صاحب كشاف القناع أن أحمد رحمه الله تعالى نص على أن التى يمكن الاستمتاع بها هى بنت تسع سنين فأكثر، فاذا أتى على الصغيرة تسع سنين وطلبها زوجها دفعت اليه، وليس لهم أن يحبسوها بعد التسع، لأن النبى صلى الله عليه وسلم بنى بعائشة رضى الله تعالى عنها وهى بنت تسع سنين.

قال القاضى: هذا لأن الغالب أن ابنة تسع يتمكن من الاستمتاع بها فيلزم تسليم بنت التسع ولو كانت نضوة الخلقة (٥) وهو جسيم، لكن ان خافت على نفسها الافضاء من عظمه فلها منعه من جماعها لحديث (لا ضرر ولا ضرار) وعليه النفقة، لأن منعها نفسها منه لعذر، ولا يثبت للزوج خيار الفسخ بكونها نضوة الخلقة، ويستمتع بها كما يستمتع من الحائض أى بما دون


(١) الآية رقم ١٢٩ من سورة النساء.
(٢) المهذب ج ٢ ص ٦٨.
(٣) المرجع السابق ج ٢ ص ٦٩.
(٤) المرجع السابق ج ٢ ص ١٦٨.
(٥) نضوة الخلقة يعنى مهزولة الجسم أنظر لسان العرب مادة نضو.