للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ما يفسد عقد الصلح وما لا يفسده]

[مذهب الحنفية]

جاء فى بدائع الصنائع أن ما يبطل به الصلح بعد وجوده أشياء منها:

الاقالة فيما سوى القصاص لأن ما سوى القصاص لا يخلو عن معنى معاوضة المال بالمال فكان محتملا للفسخ كالبيع ونحوه.

فأما فى القصاص فالصلح فيه اسقاط‍ محضن لأنه عفو والعفو اسقاط‍ فلا يحتمل الفسخ كالطلاق ونحوه ومنها الحاق المرتد بدار الحرب أو موته على الردة.

عند أبى حنيفة بناء على أن تصرفات المرتد موقوفة عنده على الاسلام أو اللحوق بدار الحرب والموت فان أسلم نفذ وان لحق بدار الحرب وقضى القاضى به أو قتل أو مات على الردة تبطل وعندهما نافذة والمرتدة اذا لحقت بدار الحرب يبطل من صلحها ما يبطل من صلح الحربية لأن حكمها حكم الحربية ومنها الرد بخيار العيب أو الرؤية لأنه يفسخ العقد ومنها الاستحقاق وأنه ليس ابطالا حقيقة بل هو بيان أن الصلح لم يصح أصلا لا أنه بطل بعد الصحة الا أنه ابطال من حيث الظاهر لنفاذ الصلح ظاهرا فيجوز الحاقه بهذا القسم لكنه ليس بابطال حقيقة ومنها هلاك أحد المتعاقدين فى الصلح على المنافع قبل انقضاء المدة لأنه بمعنى الأجارة وأنها تبطل بموت أحد المتعاقدين.

وأما هلاك ما وقع الصلح على منفعته هل يوجب بطلان الصلح فلا يخلو أما أن يكون حيوانا كالعبد والدابة أو غير حيوان كالدار والبيت فان كان حيوانا لا يخلو أما أن هلك بنفسه أو باستهلاك فان هلك بنفسه يبطل الصلح اجماعا وان هلك باستهلاك فلا يخلو من ثلاثة أوجه.

اما أن استهلكه أجنبى واما أن استهلكه المدعى عليه واما أن استهلكه المدعى فان استهلكه أجنبى بطل الصلح عند محمد.

وقال أبو يوسف لا يبطل ولكن للمدعى الخيار ان شاء نقض الصلح وان شاء اشترى له بقيمته عبدا يخدمه الى المدة المضروبة وجه قول محمد أن الصلح على المنفعة بمنزلة الأجارة تمليك المنفعة بعوض وقد وجد ولهذا ملك اجارة العبد من غيره بمنزلة المستأجر.

وجه قول أبى يوسف أن هذا صلح فيه معنى الاجارة وكما أن معنى المعاوضة لازم فى الاجارة فمعنى استيفاء عين الحق أصل فى الصلح فيجب اعتبارهما جميعا ما أمكن ومعلوم أنه لا يمكن استيفاء الحق من المنفعة لأنها ليست من جنس المدعى فيجب تحقيق معنى الاستيفاء من محل المنفعة وهو الرقبة ولا يمكن ذلك الا بعد ثبوت الملك له فيها فتجعل كأنها ملكه فى حق استيفاء حقه منها وبعد القتل ان تعذر الاستيفاء من عينها يمكن من بدلها فكان له أن يستوفى من البدل بأن يشترى له عبدا فيخدمه الى المدة المشروطة وله حق النقض أيضا لتعذر محل الاستيفاء وان استهلكه المدعى عليه بأن قتله أو كان عبدا فأعتقه يبطل الصلح أيضا.

وقيل هذا قول محمد فأما على أصل أبى يوسف فلا يبطل وتلزمه القيمة ليشترى له بها عبدا آخر يخدمه الى المدة المشروطة.

كما اذا قتله أجنبى وكالراهن اذا قتل العبد المرهون أو أعتقه وهذا لأن رقبة العبد وان كانت مملوكة للمدعى عليه لكنها مشغولة بحق الغير وهو المدعى لتعلق حقه بها فتجب رعايتها