للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(لا تكتحل الا لما لا بد منه يشتد عليك فتكتحلين بالليل وتغسلينه بالنهار) رواه أبو داود والنسائى.

وانما منع من الكحل بالإثمد لأنه الذى تحصل به الزينة فأما الكحل بالتوتيا والعنزروت ونحوهما فلا بأس به لأنه لا زينة فيه بل يقبح العين ويزدها مرها (١).

[مذهب الظاهرية]

يرى ابن حزم أنه فرض على المعتدة من الوفاة أن تجتنب الكحل كله لضرورة أو لغير ضرورة ولو ذهبت عيناها لا ليلا ولا نهارا (٢).

واستدل على ذلك بما رواه بسنده حميد بن نافع عن زينب بنت أم سلمة ان ابنة النحام توفى عنها زوجها فأتت أمها للنبى صلّى الله عليه وسلم فقالت: ان ابنتى تشتكى عينها أفأكحلها قال لا قالت انى أخشى أن تنفقئ عينها قال وان انفقأت.

[مذهب الزيدية]

يقولون بوجوب الاحداد على غير الرجعية المكلفة المسلمة حرة كانت أم أمة وهو ترك الزينة حتى تنقضى عدتها ومن الزينة الاكتحال (٣).

وظاهر كلام البحر أن الكحل الممنوع بما فيه زينة حيث قال ولها الكحل بالتوتيا والصبر (٤).

[مذهب الإمامية]

يجب الحداد على الزوجة المتوفى عنها زوجها فى جميع مدة العدة بترك الزينة ومنها الكحل الأسود ولو احتاجت الى الاكتحال بالسواد لعلة جاز فان تأدت الضرورة باستعماله ليلا ومسحه نهارا وجب وإلا اقتصرت على ما تتأدى به الضرورة (٥). يراجع مصطلح (احداد).

[مذهب الإباضية]

لا تتزين البائن بكحل الا لعذر ولا تتزين المتوفى عنها زوجها كذلك، وان احتاجت المتوفى عنها الاكتحال فى مرض فى عينها جاز لها ليلا وتمسحه نهارا وأما ما روى أبو عبيدة عن جابر بن زيد أن أم سلمة رضى الله عنها قالت: «جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله: ان ابنتى توفى عنها زوجها وقد اشتكت عينها فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ثلاثا ثم قال: انما هى أربعة أشهر وعشر» فالظاهر أن المراد منها نهارا لأنه وقت الرؤية فمنع أن ترى متزينة ولو لم تقصد الزينة فيباح لها ليلا للضرورة لأنه لا رؤية فيه واستطرد صاحب النيل الذى أورد الحكم فقال: اطلعت على أن فى الموطأ وغيره حديثا عن أم سلمة فى تلك السائلة جاز فيه:

(اجعليه بالليل وامسحيه بالنهار) وذكر النووى أن الأولى تركه ولو خشيت على بصرها فان فعلت مسحته نهارا (٦).


(١) المغنى لابن قدامة ج‍ ٩ ص ١٦٧.
(٢) المحلى لابن حزم وما بعدها ج‍ ١٠ ص ٢٧٦ وما بعدها.
(٣) شرح الأزهار ج‍ ٢ ص ٤٧٥.
(٤) البحر الزخار ج‍ ٣ ص ٢٢٣.
(٥) الروضة البهية ج‍ ٢ ص ١٥٧.
(٦) شرح النيل ج‍ ٣ ص ٥٨٣.