للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالحبس؛ ونص محمد على الغصب فقال: فإن الحبس الحمال المتاع في يده فهو غاصب ووجهه: أن العين كانت أمانة في يده فإذا حبسها بدينه فقد صار غاصبا (١).

وليس للمؤجر حبس الدار المستأجرة لاستيفاء الأجرة؛ كذا ذكره الإمام التمرتاشى (٢). ولو مات المؤجر وعليه ديون فللمستأجر حبس الدار المستأجرة له و هو أحق بثمنها من سائر الدائنين وذلك إذا كانت الدار بيد المستأجر وكان قد دفع الأجرة وانفسخ عقد الإجارة بموت المؤجر.

بخلاف ما إذا عجل الأجرة ولم يقبض الدار حتى مات المؤجر فإنه لا يكون له إمساك الدار وحبسها حتى يستوفى ما دفعه من أجرة بل يكون أسوة لباقى الدائنين (٣).

ولو أمسك المستأجر العين المستأجرة - حيوانًا كانت أو غيره - بعد انتهاء الإجارة في بيته أو غيره لم يضمن إن هلكت، لأنه لا يجب عليه ردها للمؤجر بل على المؤجر أخذها (٤).

ولو استأجر دابة ليركبها إلى مكان كذا فأمسكها في بيته لا يجب الأجر وضمن لو هلكت وكذلك الحكم لو أمسكها في المصر. ولو استأجرها ليركبها في المصر يوما إلى الليل فأمسكها ولم يركب يجب الأجر ولا يضمن. كذا في الفتاوى الصغرى. وفى الذخيرة: لو استأجرها من بلد إلى بلد فأمسكها في بيته فهلكت فلو أمسكها قدر ما الناس ليهيؤا أمورهم يبرأ من الضمان ويجب الأجر ولو أمسكها أكثر من ذلك ضمن ولو استأجرت قميصا لتلبسه فأمسكته ووضعته في بيتها حتى مضى اليوم يجب الأجر ولا تضمن لو هلك ولو استأجرت حليا لتلبسه يوما إلى الليل فحبسته أكثر من يوم وليلة صارت غاصبة قالوا: هذا لو حبسته بعد الطلب أو حبسته مستعملة. أما لو حبسته حفظ لا تصير غاصبة قبل الطلب، إذا أنه بقى أمانة فلا تضمن إلا باستعمال أو بمنع بعد الطلب.

والفاصل بين إمساك الحفظ وإمساك الاستعمال أنه لو أمسك في موضع يمسك للاستعمال فهو استعمال. ولو أمسك في موضع لا يمسك فيه للاستعمال فهو حفظ فعلى هذا لو تسورت بخلخال؛ أو تخلخلت بسوار؛ أو تعمم بقميص، أو وضع العمامة على عاتقه. فهذا كله إمساك حفظ لا استعمال (٥).

[إمساك الوديعة]

إذا شرط المودع "بكسر الدال" على المودع "بفتح الدال" أن يحفظ الوديعة بيده ليلا ونهارا أولا يضمها من يده فالشرط باطل حتى لو وضعها في بيته أو فيما يحرز فيه ماله عادة فضاعت لا ضمان عليه، لأن إمساك الوديعة بيده بحيث لا يضعها أصلا غير مقدور له عادة


(١) نتائج الأفكار "تكملة فتح القدير" والهداية والعناية جـ ٧ ص ١٦٢، ١٦٣. الطبعة السابقة.
وانظر أيضا بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع السابق جـ ٤ ص ٢٠٤.
(٢) حاشية ابن عابدين على الدر المختار السابق جـ ٥ ص ٢٣١ من المتفرقات بعد السلم. الطبعة السابقة.
(٣) المرجع السابق جـ ٤ من ٥٦٤.
(٤) جامع الفصولين لابن قاضى سماوه جـ ٢ ص ١٦٥.
(٥) المرجع السابق ص ١٦٨، ١٦٩، ١٧٨.