أنت طالق ان لم يشأ أبوك وبأن هذا الاستثناء فى التحقيق غير مستغرق.
وأدوات الاستثناء هى: ألا وغير وسوى وعدا وخلا وما عدا وما خلا، وكلها للنفى ما عدا ألا فانها للنفى والاثبات فاذا قال امرأتى طالق ما أملك غير عشرة دراهم أو سوى أو عدا أو خلا أو ما عدا أو ما خلا عشرة دراهم فمعنى ذلك نفى ملك غير العشرة ولا يقتضى اثبات ملك العشرة فلا يعد كاذبا ولا يحنث اذا كان لا يملك عشرة ولا تطلق امرأته اذن لان ملك العشرة ليس داخلا فى معنى اليمين ولا هو من مفهومه .. أما ألا فانها للنفى والاثبات فلو قال:
امرأتى طالق ما أملك ألا عشرة دراهم كان ذلك نفيا لملك غير العشرة واثباتا لملك العشرة فلو كان فى ملكه أقل أو أكثر من عشرة كان كاذبا ويحنث وتطلق امرأته ولو حلف امرأتى طالق لا يأكل هذه الرمانة غير زيد، فألقيت الرمانة فى البحر لا يحنث ولا تطلق امرأته لانه يحلف على نفى أكل الغير اما أكل زيد فليس محلوفا عليه فاذا ألقيت فى البحر تحقق نفى أكل الغير المحلوف عليه، واذا حلف امرأتى طالق لا يأكل الرمانة ألا زيد فألقيت فى البحر يحنث وتطلق امرأته، لان الحلف على أكل زيد الرمانة مقصود له فيحنث بفواته (١).
وقال البعض أن أدوات الاستثناء كلها للنفى والاثبات لغة وشرعا بدليل أن العرب لا تفرق بين قول: لا اله الا الله، ولا اله غير الله أو سوى الله، يعلم ذلك بالضرورة ولا ينكره ألا مكابر، وقد قال الله تعالى فى أكثر من ست آيات حاكيا ما بين الانبياء وأقوامهم ومقررا: قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره، وقال على كرم الله وجهه فى نهج البلاغة:
الحمد لله الذى لا اله غيره ولو كانت لمجرد النفى ما ساغ ولا استقامت الحجة للرسل على أقوامهم، ولما ثبتت الالوهية لله بهذا التركيب وذهب بعض آخر الى أن - ألا للنفى فقط كغير وسوى، ورد بأنه لو كان كذلك ما صلحت كلمة لا اله الا الله - للتوحيد ونوقش فى هذه وفى الاحتجاج السابق للبعض فى غير وسوى، بأن هذه الامور لا تفيد الاثبات بظاهر اللفظ ووضعه اللغوى وانما تقيده من قوانين أخرى .. والعبرة فى ذلك كله بالعرف والعرف يفهم من التراكيب المذكورة فى ألا وفى غيرها، النفى والاثبات.
[مذهب الإمامية]
ذكر الإمامية أن من فسر الطلقة بأكثر من الواحدة كأن يقول: أنت طالق ثلاثا أو ثنتين يلغو التفسير وتقع طلقة واحدة بقوله أنت طالق، ولان الطلاق الثلاث فى مجلس واحد كقوله أنت طالق ثلاثا يقع به طلاق واحد، وقيل يبطل الجميع ولا يقع به شئ لانه بدعة لقول الصادق، من طلق ثلاثا فى مجلس فليس بشئ.
(١) شرح الأزهار والهامش عليه ج ٢ ص ٤٢١ - ٤٢٥ الطبعة السابقة.