للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحصول عليه من زراعته، كما يشمل ما إذا كان الشراء من المصر أو كان مجلوبا من خارجها.

[مذهب الإمامية]

وعرف الشيعة الإمامية الحكرة (١): بأنها جمع الطعام وحبسه يتربص به الغلاء، وحصروا الطعام الذى يتحقق فيه الاحتكار فى سبعة أشياء، هى: الحنطة والشعير والتمر والزبيب والسمن والزيت والملح.

فهم لا يخصونه بالشراء وينفردون بقصر الطعام على هذه الأنواع.

[مذهب الإباضية]

وعرفه الإباضية (٢): بأنه شراء مقيم من سوق أو من غيره بالنقد أو غيره طعاما ينتظر به الغلاء فهم يخصون الاحتكار بشراء المقيم للطعام، ويصرحون بأن من أخذ الطعام من غيره فى دين أو مقاضاة أو أرش أو أجرة أو ارث أو هبة فلا يكون ذلك من الاحتكار المحظور، وقد ألحقوا بالمقيم فى تحقق الاحتكار الممنوع المسافر الذى يتجر بمال المقيم بخلاف المقيم الذى يتجر بمال المسافر فلا يكون من الاحتكار الممنوع، واختلفوا فى الطعام الذى يكون فيه الاحتكار فجعله بعضهم عاما فى كل ما يطعم ولو رهنا أو شرابا، وخصه بعضهم بالحبوب الستة، وخصه بعضهم بما يسمى فى العرف طعاما، وبعضهم خصه بالبر والشعير.

[حكم الاحتكار الأخروى]

الاحتكار الذى تتحقق فيه القيود المذكورة على اختلاف المذاهب فيها كما بينا محظور أجماعا غير أنه قد اختلفت عبارات الفقهاء فى التعبير عن هذا الحظر.

فمنهم من صرح بالحرمة، ومنهم من صرح بالكراهة، ومنهم من اكتفى بلفظ‍ المنع الصادق بكل من التحريم والكراهة.

فالكاسانى الحنفى يقول (٣): تتعلق بالاحتكار أحكام منها الحرمة لما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:

«المحتكر ملعون والجالب مرزوق»، ولا يلحق اللعن إلا بمباشرة المحرم، وروى عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من احتكر طعاما أربعين ليلة فقد برئ من الله وبرئ الله منه».

ومثل هذا الوعيد لا يلحق إلا بارتكاب الحرام، وساق دليلا آخر عقليا يرجع إلى أن الاحتكار من باب الظلم والظلم حرام، وقال بعد ذلك أن قليل مدة الحبس وكثيرها سواء فى حق الحرمة لتحقق الظلم.

وبمثل ذلك صرح الشبراملسى الشافعى فقد قال (٤): إن النهى المتعلق بالاحتكار نهى تحريم، وأيضا فان ابن حجر الهيثمى الشافعى يعتبره من الكبائر ويقول (٥): أن كونه كبيرة هو ظاهر الأحاديث الواردة فى النهى عن الاحتكار لوجود الوعيد الشديد كاللعنة وبراءة ذمة الله ورسوله والضرب


(١) الروضة البهية ج‍ ١ ص ٢٩٢ طبع دار الكتاب العربى بمصر ومثله فى المختصر النافع ص ١٢٠.
(٢) شرح النيل ج‍ ٤ ص ١٠١، ١٠٢.
(٣) البدائع ج‍ ٥ ص ١٢٩.
(٤) نهاية المحتاج ج‍ ٣ ص ١٥٦.
(٥) الزواجر ج‍ ١ ص ٢١٦، ٢١٧.