للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولا نعلم بين أهل العلم خلافا فى صحة وقوع الرجعة بغير شهود، الا شيئا يروى عن عطاء، فان سفيان روى عن ابن جريج عن عطاء قال: الطلاق والنكاح والرجعة بالبينة ..

وهذا محمول على أنه مأمور بالاشهاد على ذلك احتياطا من التجاحد، لا على أن الرجعة لا تصح بغير شهود.

ألا ترى أنه ذكر الطلاق معها ولا يشك أحد فى وقوع الطلاق بغير بينة.

وقد روى شعبة عن مطر الوراق عن عطاء والحكم قالا: اذا غشيها فى العدة فغشيانه رجعة.

قوله تعالى: «وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلّهِ» فيه أمر باقامة الشهادات عند الحكام على الحقوق كلها لأن الشهادة هنا اسم للجنس وان كان مذكورا بعد الأمر باشهاد ذوى عدل على الرجعة، لأن ذكرها بعده لا يمنع استعمال اللفظ‍ على عمومه. فانتظم ذلك معنيين:

أحدهما الأمر باقامة الشهادة.

والآخر أن اقامة الشهادة حق الله تعالى وأفاد بذلك تأكيده القيام به.

[من أحاديث الأحكام]

[١ - باب البيع]

فى منتقى الاخبار من أحاديث سيد الاخيار عن عمارة بن خزيمة «ان عمه حدثه، وكان من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم أنه ابتاع فرسا من أعرابى، فاستتبعه النبى صلّى الله عليه وسلّم، ليقضيه ثمن فرسه، فأسرع النبى صلّى الله عليه وسلم المشى، وأبطأ الاعرابى فطفق رجال يعترضون الاعرابى فيساومونه بالفرس لا يشعرون أن النبى صلّى الله عليه وسلم ابتاعه، فنادى الأعرابى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: إن كنت مبتاعا هذا الفرس فابتعه وألا بعته.

فقال النبى صلّى الله عليه وسلّم حين سمع نداء الأعرابى: أو ليس قد ابتعته منك؟. قال الاعرابى: لا والله ما بعتك.

فقال النبى صلّى الله عليه وسلّم: بلى قد ابتعته. فطفق الاعرابى يقول: هلم شهيدا. قال خزيمة: أنا أشهد أنك قد ابتعته. فأقبل النبى صلّى الله عليه وسلّم على خزيمة فقال: بم تشهد؟. فقال:

بتصديقك يا رسول الله فجعل شهادة خزيمة شهادة رجلين «رواه أحمد والنسائى وأبو داود.

وقد جاء فى شرح هذا الحديث للامام المجتهد محمد بن على الشوكانى قاضى قضاة اليمن فى كتابه نيل الأوطار وشرح منتقى الاخبار ما يأتى (١):

قوله «لا والله ما بعتك» انما أنكر هذا الاعرابى البيع مع وقوعه، وحلف على ذلك، وهو صحابى، لأن بعض المنافقين كان حاضرا فأمره بذلك وأعلمه أن البيع لم يقع


(١) نيل الأوطار ج‍ ٥ ص ١٨٠.