للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المطالب شرح روض الطالب وجاء في تحفة المحتاج: أنه إن نهاه عن إمساكها في يده ضمن مطلقا. وإن امتثل أمره وربطها في كمه لم يضمن، لأنه احتاط في الحفظ، بخلاف ما إذا ربطها فيه ولم يمسكها بيده فيضمن إن تلفت (١) وإن أمسكها في يده بلا ربط في كمه فأخذها غاصب لم يضمن، وإن ضاعت في غفلة أو نوم ضمن (٢).

وإن أخّر المودّع (بفتح الدال) ردّ الوديعة - أي أمسكها - بعد طلب صاحبها لها ضمن لتقصيره. وهذا إذا كان إمساكه لها بدون عذر.

أما إن أخره بعذر كاحتياجه إلى الخروج مما هو فيه وهو في ظلام والوديعة بخزانة لا يتأتى فتحها إذ ذاك، أو في حمام أو مطر أو على طعام ونحوه مما لا يطول زمنه غالبا كصلاة وقضاء حاجة وطهارة وملازمة مدين يخاف هربه فلا يضمن حينئذ لعدم تقصيره (٣).

ولو قال له مالكها بلا طلب لها: لى عندك وديعة، فأنكر أو سكت لم يضمن، لأنه لم يمسكها لنفسه بهذا الإنكار، وقد يكون له في الإنكار غرض صحيح كما إذا أمر ظالم مالكها بطلبها من الوديع فطلبها منه وهو يحب جحودها فجحدها المودع (بفتح الدال) بخلافه بعد طلبها (٤).

ولو اشترى شخص عينا وأمسكها البائع على الثمن ثم أودعها عند المشترى فتلفت ولو من غير تعد منه فإنها من ضمانه ويتقرر عليه الثمن. قال ذلك الزركشيّ وقال الرملى الكبير في حاشيته علي أسنى المطالب: الأصح خلافه. فإن تلفه في يد المشترى حينئذ كتلفه في يد بائعه (٥).

[إمساك الوكيل العين الموكل بقبضها]

لو كان لإنسان عين معارة أو مؤجرة أو مغصوبة فوهبها لآخر فقبلها وأذن له الواهب في قبضها ثم إن الموهوب له وكّل في قبضها المستعير أو المستأجر أو الغاصب اشترط قبوله للوكاله لفظا ولا يكتفى بالفعل وهو الإمساك، لأنه استدامة لما سبق فلا دلالة فيه على الرضا بقبضه عن الغير (٦).

[إمساك متاع المضاربة]

إن اقتضت مصلحة عقد المضاربة إمساك ما اشتراه عامل المضاربة معيبا فليس للمالك ولا للعامل ردّه في الأصح، لإخلاله بمقصود العقد.

وقيل: للعامل الرد كالوكيل.

وجوابه أن الوكيل ليس له شراء المعيب بخلاف عامل المضاربة إذا رأى فيه ربحا فيمسك ما فيه المصلحة ولا يرده بخلاف الوكيل.

فإن فقدت المصلحة في إمساكه ولو مع فقد المصلحة في الرد أيضا فلكل منهما رده وإن رضى بإمساكه الآخر وإنما لم يُؤثر رضى المالك بإمساكه، لأن العامل صاحب حق في المال بخلاف الوكيل. وإن اختلف العامل والمالك في


(١) المرجع السابق جـ ٢ ص ٨٠، ٨١.
تحفة المحتاج بشرح المنهاج لابن حجر جـ ٣ ص ٧٥، ٧٦ الطبعة الأولى، المطبعة الوهبية سنة ١٢٨٢ هـ.
(٢) حاشية البيجرمى على الإقناع للخطيب جـ ٣ ص ٢٣٥ الطبعة الأولى بمطبعة دار الكتب العربية.
(٣) أسنى المطالب شرح روض الطالب بحاشية الرملى الكبير جـ ٢ من ٨٤.
(٤) المرجع السابق ص ٨٣
(٥) المرجع السابق ص ٨٧
(٦) مغنى المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج للخطيب جـ ٢ ص ٢٢٢ طبع مطبعة مصطفى محمد بالقاهرة.