للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اذا منح انسانا شاة أو ناقة لينتفع لبنها ووبرها مدة، ثم يردها على صاحبها.

لأن ذلك معدود من المنافع عرفا وعادة فكان له حكم المنفعة، وقد روى عن النبى عليه الصلاة والسلام أنه قال: «هل من أحد يمنح من ابله ناقة أهل بيت لادر لهم» وهذا يجرى مجرى الترغيب فيصح، وكذا لو منح جديا أو عناقا - وهى الانثى من أولاد المعز - كان اعارة لا فرضا، لأنه لغرض أن ينتفع بلبنه وبصوفه وتصح اعارة السهم ولا يضمن، لأن الرمى به يجرى مجرى هلاكه من غير تعد للاذن فيه فلا يكون ضامنا (١).

[مذهب المالكية]

لا تصح اعارة النقد من دنانير ودراهم والطعام والشراب وغيره من المكيلات والموزونات ان وقعت وأعطيت للغير ولو بلفظ‍ الاعارة وانما تكون قرضا، لأن المقصود من الاعارة الانتفاع بالمستعار مع رد عينه للمعير بعد الانتفاع به.

وفى الانتفاع بما ذكر ذهاب عينها ولهذا كانت قرضا وفائدته أنه يضمنه الآخذ ولو قامت بينه على هلاكه بدون سبب منه (٢).

وهذا اذا لم تعين جهة الانتفاع.

فان استعار الصيرفى مثلا دراهم أو دنانير يجعلها بين يديه ليرى أنه ذو مال فيقصده البائع والمشترى فهذه اعارة يكون المستعار فيها مضمونا اذا لم تقم البينة على تلفه (٣).

ويجوز اعارة الشاة لينتفع المستعير بلبنها، وهى المسماة بالمنحة (٤).

[مذهب الشافعية]

لا يعار النقدان الذهب والفضة، اذ منفعة التزين بهما أو العمل على مثلهما منفعة ضعيفة قلما تقصد ومعظم منفعتهما فى الانفاق والاخراج. الا ان صرح باعارتهما لذلك أو نواها فتصح، لاتخاذه هذه المنفعه مقصدا وان ضعفت ولو شاعت لفظة الاعارة فى قرضهما فى بقعة كان قرضا.

وكذلك لا تصح اعارة نحو شمعة لوفود وطعام لأكل، لأن منفعتهما باستهلاكهما.

فان كان ليعمل مثل الطعام صح. وحيث لم تصح اعارة المستعار فجرت اعارته ضمن، لأنه مضمون فى عقد الاعارة الصحيح، وللفاسد حكم الصحيح فى الضمان.

وقيل: لا ضمان له، لأن ما جرى بينهما ليس باعارة صحيحة ولا فاسدة ومن قبض مال غيره باذنه لا لمنفعة كان أمانة.

وكون الاعارة لاستفادة المستعير المنفعة فقط‍ هو الغالب فلا ينافيه أنه قد يستفيد


(١) البدائع ج ٦ ص ٢١٥ وتكملة ابن عابدين ج ٢ ص ٣٨٣، ٣٩٦، ٣٩٧، الهداية والعناية بتكملة فتح القدير ج ٧ ص ١٠٨، ١٠٩ والجوهرة ج ١ ص ٣٥١
(٢) الخرشى ج ٦ ص ١٤٢ ومنح الجليل ج ٣ ص ٤٨٩، حاشية على شرح ابى الحسن ج ٢ ص ٢٣٩
(٣) منح الجليل ج ٣ ص ٤٨٩
(٤) حاشية العدوى على شرح ابى الحسن ج ٢ ص ٢٤٠