للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال به من الفقهاء الأوزاعى والثورى وأبو عبيد القاسم بن سلام.

وذهب جماعة الى أن الآية لا دلالة فيها على جواز شهادة غير المسلم على المسلم لا فى الوصية ولا فى غيرها بناء على أن قوله منكم معناه من قبيلتكم وعشيرتكم وقوله «من غيركم» معناه من غير القبيلة والعشيرة.

وليس هذا القول بشئ ولا يساعد عليه ظاهر الآية وسياقها.

وأجاز ابن تيمية شهادة غير المسلم على المسلم فى كل موضع تقضى به الضرورة سواء فى الوصية أو فى غيرها وسواء كان فى السفر أو فى الحضر (١).

[مذهب الظاهرية]

يقول ابن حزم الظاهرى امام أهل الظاهر بالأندلس فى كتابه المحلى ولا يجوز أن تقبل شهادة كافر أصلا لا على كافر ولا على مسلم حاشا الوصية فى السفر فقط‍ فإنه يقبل فى ذلك مسلمان أو كافران من أى دين كانا أو كافر وكافرتان أو أربع كوافر.

ويحلف الكفار ههنا مع شهادتهم بعد الصلاة بالله لا نشترى به ثمنا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله انا اذا لمن الآثمين.

برهان ذلك قول الله تعالى «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا» (٢). والكافر فاسق فوجب أن لا يقبل وقول الله تعالى «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ بِاللهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ إِنّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ} (٣). فوجب أخذ حكم الله تعالى كله.

وأن يستثنى الأخص وهو حكم هذه الآية من الأعم وهو حكم آية الدين «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى} الى قوله: «وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ» (٤).

دون لجوء الى القول بالفسخ ليتوصل بذلك الى طاعة الجميع (٥).


(١) كشاف القناع مع منته الارادات ج‍ ٣ ص ٣٣٧ وما بعدها الطبعة السابقة وتفسير القرطبى لآية المائدة ج‍ ٥.
(٢) الآية رقم ٦ من سورة الحجرات.
(٣) الآية رقم ١٠٦ من سورة المائدة.
(٤) الآية رقم ٢٨٢ من سورة البقرة.
(٥) المحلى لابن حزم الظاهرى ج‍ ٩ ص ٤٠٥ وما بعدها الطبعة السابقة.