للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يمكن تحقق المحلوف عليه مطلقا ولا يتصور امكان التحقق ومن ثم لم تنعقد اليمين، أما فى المستحيل عادة فان المحلوف عليه متصور الوجود حقيقة بل قد وقع وجوده فى خارج الحياة ولكن لم تجر العادة به فكان البر متصورا ولذا انعقدت اليمين ولكن لعدم الامكان فيما جرت به العادة يحنث الحالف فى الحال (١) وما مر انما هو فى الحلف بالله أما الحلف بالطلاق والعتاق فركنه هو ذكر شرط‍ وجزاء مربوط‍ بالشرط‍ معلق به، ومن شرائط‍ هذا الركن أن يكون الشرط‍ أمرا فى المستقبل متصور الوجود حقيقة لا عادة فان كان مما يستحيل وجوده حقيقة لا ينعقد كما اذا قال لامرأته: ان ولج الجمل فى سم الخياط‍ فأنت طالق، أو قال لها: ان اجتمع الضدان فأنت طالق لان مثل هذا الكلام يذكر لتأبيد النفى أى طلاقك أمر لا يكون أصلا ورأسا كما لا يلج الجمل فى سم الخياط‍ وكما لا يجتمع الضدان قال الله تعالى:

«وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ‍» (٢) أى لا يدخلونها رأسا، وعلى هذا يخرج ما اذا قال: ان لم أشرب الماء الذى فى هذا الكوز فامرأته طالق أو عبده حر أو قال: ان لم أقتل فلانا ولا ماء فى الكوز وفلان ميت وهو يعلم بذلك أو لا يعلم به والكلام فيه على ما مر (٣)، وكذلك يشترط‍ الاحناف فى المنذور به أن يكون متصور الوجود فى نفسه شرعا فلا يصح النذر بما لا يتصور وجوده شرعا كالمرأة اذا قالت لله على أن أصوم أيام حيضى لأن الحيض مناف للنذر شرعا اذ الطهارة من الحيض والنفاس شرط‍ وجود الصوم الشرعى (٤).

[مذهب المالكية]

جاء فى الحطاب (٥): قال الشيخ بهرام فى شرحه الصغير: اليمين تحقيق ما لم يجب أى اليمين الموجبة للكفارة، هى تحقيق ما لم يجب بذكر اسم الله تعالى أو صفته، والمراد بتحقيق ما لم يجب تحقيق ما لم يثبت أى يتحقق ثبوته وهو ما يحتمل الموافقة والمخالفة: أعنى البر والحنث فلو قال: والله لأحملن الجبل وو الله لأشربن البحر كان يمينا لأن حمل الجبل وشرب البحر لا يتحقق ثبوته، ولو قال: والله لا أحمل الجبل وو الله لا أشرب البحر لم يكن يمينا لان عدم حمله الجبل وشربه البحر متحقق الثبوت، ثم قال: ويدخل فى قوله تحقيق ما لم يجب: الممكن كقوله: والله لأدخلن الدار، والممتنع كقوله: والله لأقتلن زيدا


(١) بدائع الصنائع للكاسانى ح‍ ٣ ص ١١، ص ١٢ والهداية وشروحها فتح القدير والعناية ح‍ ٤ من ص ٦٠ الى ٦٢ وتبيين الحقائق للزيلعى وحاشية الشلبى عليه ح‍ ٣ ص ١٣٥ وما بعدها.
(٢) الآية رقم ٤٠ من سورة الاعراف.
(٣) بدائع الصنائع الكاسانى ح‍ ٣ ص ٢٧ الطبعة السابقة.
(٤) المرجع السابق ح‍ ٥ ص ٨٢.
(٥) مواهب الجليل لشرح مختصر خليل ح‍ ٣ ص ٢٦٠ وص ٢٦١.