للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مراقى الفلاح نقلا عن شرح الهداية: الأدب هو ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة أو مرتين ولم يواظب عليه وحكمه الثواب بفعله وعدم اللوم على تركه، ويقول الطحطاوى فى حاشيته تعليقا على ذلك:

ويسمى بالنفل لأنه زائد عن الفرض وبالمستحب لأن الشارع يحبه وبالمندوب لأن الشارع بين ثوابه وبالتطوع لأن فاعله متبرع به قاله السيد، ثم عدد بعد ذلك آداب الوضوء كالجلوس فى مكان مرتفع وعدم التكلم بكلام الناس .. الى آخر ما ذكر (١) وفى فتح القدير ذكر صاحب العناية عند الكلام على الاستنجاء أن الغسل بالماء أفضل ثم قال وهو أدب لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يستنجى بالماء مرة ويتركه أخرى وهذا هو حد الأدب (٢) وفرق صاحب بدائع الصنائع بين السنة والأدب فقال ان السنة هى ما واظب عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يتركها صلى الله عليه وسلم الا مرة أو مرتين لمعنى من المعانى، أما الأدب فهو ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة أو مرتين ولم يواظب عليه (٣) كذلك يستعمل الحنفية الأدب بمعنى الالتزام لما ندب اليه الشرع يقول صاحب الفتاوى الهندية (٤) تحت عنوان باب أدب القاضى:

أدب القاضى هو التزامه لما ندب اليه الشرع من بسط‍ العدل ودفع الظلم وترك الميل والمحافظة على حدود الشرع والجرى على سنن السنة ويستعمل صاحب العناية وصاحب فتح القدير الأدب بالمعنى اللغوى فى باب أدب القاضى أيضا فيذكر أن الأدب هو الخصال الحميدة والقاضى محتاج اليها فذكر ما ينبغى للقاضى أن يفعله ويكون عليه (٥)، ومن هذا يتضح أن الحنفية يستعملون الأدب بمعنى المستحب والمندوب والنفل كما فى آداب الوضوء والاستنجاء، ويستعملونه بالمعنى اللغوى كما جاء فى باب أدب القاضى

[مذهب المالكية]

يذهب المالكية الى أن لفظ‍ الأدب يطلق ويراد به عند بعضهم المستحب والمندوب والسنن فقط‍، ويراد به عند البعض الآخر ما يشمل المستحب والمندوب والسنة والواجب تسامحا، فقد جاء فى الشرح الصغير وحاشيته فى بيان شروط‍ الجمعة وآدابها بعد أن ذكرت الشروط‍: وسن حال الخطبة استقبال القبلة وسن جلوس الخطيب أول كل خطبة الى آخر ما ذكر. ثم قال وندب لمريد صلاة الجمعة تحسين هيئته من قص شارب وأظفار وحلق عانة ونتف ابط‍، وقال الشيخ الصاوى فى حاشيته تعليقا على قول خليل «وآدابها» المراد من الآداب ما يشمل السنن (٦) وفى باب بيان آداب


(١) حاشية الطحطاوى على مراقى الفلاح شرح نور الايضاح ح‍ ١ ص ٤٤ الطبعة الثانية طبع المطبعة الازهرية المصرية سنة ١٣٢٨ هـ‍.
(٢) فتح القدير وبهامشه شرح العناية على الهداية ح‍ ١ ص ١٤٩ الطبعة الاولى طبع المطبعة الكبرى الاميرية بمصر سنة ١٣١٥ هـ‍.
(٣) بدائع الصنائع للكاسانى ح‍ ١ ص ٢٤ الطبعة الاولى طبع مطبعة الجالية بمصر سنة ١٣٢٨ هـ‍.
(٤) الفتاوى الهندية ح‍ ٣ ص ٣٠٦ الطبعة الثانية طبع المطبعة الكبرى الاميرية ببولاق سنة ١٣١٠ هـ‍.
(٥) فتح القدير ح‍ ٥ ص ٤٥٣.
(٦) بلغة السالك لاقرب المسالك ح‍ ١ ص ١٦٥ وحاشية الدسوقى على الشرح الكبير ح‍ ١ ص ٣٨١ طبع دار احياء الكتب العربية.